الاقتصاد التركي
قفزة حادة في أسعار اللحوم الحمراء بتركيا
شهدت أسعار اللحوم الحمراء في تركيا ارتفاعًا حادًا خلال الشهر الماضي، وصلت نسبته إلى نحو 35%، ما انعكس بشكل مباشر على أسعار البيع في المدن الكبرى، وسط انتقادات متزايدة لدور الوسطاء وارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع نشاط المزارعين.
وبحسب معطيات من القطاع، فإن سعر ذبيحة الأبقار الذي يخرج من المنتج بنحو 580 ليرة تركية، يُباع حاليًا للمستهلكين في المدن الكبرى بأسعار تتراوح بين 750 و900 ليرة للحم المفروم، و850 إلى 1000 ليرة للحم المقطّع مكعبات، فيما تصل أسعار شرائح اللحم إلى ما بين 1200 و2500 ليرة.
ولا يختلف الوضع كثيرًا بالنسبة للحوم الضأن، إذ تُشترى الذبيحة من المنتج بسعر يقارب 600 ليرة، بينما تُعرض في المتاجر بسعر يصل إلى 1000 ليرة للحم المفروم و1100 ليرة للحم المقطّع. في المقابل، تواصل مؤسسة اللحوم والألبان الحكومية طرح اللحوم المستوردة بهدف تنظيم السوق، بأسعار أقل نسبيًا، إذ يُباع اللحم البقري المفروم بـ485 ليرة، والمقطّع بـ510 ليرات.
اتهامات بالتلاعب السعري
وفي تعليق على الارتفاعات المتسارعة، قال علي شكري بايراكتار، عضو لجنة اللحوم ومنتجاتها في غرفة تجارة إسطنبول، إن سوق اللحوم الحمراء بات خاضعًا لسيطرة الشركات الكبرى، معتبرًا أن المشكلة الأساسية لا تكمن في المنتج، بل في رفوف البيع. وأضاف أن هذه الشركات قادرة على التلاعب بالأسعار، فيما يبقى تدخل الحكومة محدود الأثر.
ودعا بايراكتار إلى دعم الإنتاج العائلي الصغير بدلًا من الاعتماد على نماذج الإنتاج الضخم، مشيرًا إلى أن الحل المستدام يكمن في إعادة ربط القرويين بالإنتاج الزراعي والحيواني، وتقديم دعم طويل الأجل يعزز الإنتاج المحلي بدل الاكتفاء بالاستيراد.
الاستهلاك أقل من المتوسط العالمي
وتُظهر البيانات أن متوسط استهلاك الفرد من اللحوم الحمراء في تركيا يبلغ 16.6 كيلوغرام سنويًا، وهو أقل من المتوسط العالمي البالغ 18.1 كيلوغرام، وأقل بكثير من متوسط دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الذي يتجاوز 34 كيلوغرامًا. ويأتي ذلك في وقت ارتفعت فيه أسعار المواد الغذائية بنسبة 584% خلال أربع سنوات، بينما قفزت أسعار لحوم البقر بنسبة 825%.
الحل بزيادة الإنتاج
من جانبه، أكد نهاد تشيليك، رئيس جمعية الإنتاج الزراعي ومربي المجترات الصغيرة، أن المنتجين هم الأقل استفادة من هذه الزيادات، مشددًا على أن المشكلة الحقيقية تكمن في أسعار التجزئة. وأوضح أن عدم تحقيق التوازن بين أسعار الأعلاف والحليب يدفع المربين إلى ذبح الحيوانات، ما يضر بإنتاج اللحوم على المدى المتوسط.
وأشار تشيليك إلى أن زيادة الإنتاج، خاصة في تربية المواشي المجترة الصغيرة، تمثل الحل الأكثر واقعية، داعيًا إلى تحديث الدعم الحكومي، وتشديد الرقابة على مصانع الأعلاف، وتشجيع عودة الشباب إلى القرى ودعم المشاريع العائلية، لضمان استدامة الإنتاج الزراعي والحيواني.
ويجمع ممثلو القطاع على أن معالجة أزمة اللحوم الحمراء تتطلب رؤية شاملة، تبدأ من دعم المنتج، وتمر بضبط حلقات الوساطة، وتنتهي بتأمين أسعار عادلة للمستهلك.
