الاقتصاد التركي
تركيا.. نظام عمل جديد يطرق أبواب المؤسسات الحكومية
في خطوة تُعدّ تحولاً استراتيجياً في أساليب إدارة الموارد البشرية، أعلنت الحكومة التركية بدء إعداد الإطار التشريعي والفني لتطبيق نماذج العمل المرن في القطاع العام، ضمن “البرنامج السنوي لعام 2026” الصادر عن الأمانة العامة للرئاسة التركية (Cumhurbaşkanlığı Genel Sekreterliği).
ويهدف هذا المشروع إلى زيادة كفاءة الجهاز الحكومي وتعزيز التكيّف مع التحولات التكنولوجية وسوق العمل الرقمي، عبر اعتماد أساليب أكثر مرونة في أداء الخدمة العامة، مثل العمل عن بُعد، والعمل الهجين، والدوام الجزئي، إلى جانب مراجعة شاملة لأنظمة الضمان الاجتماعي بما يتناسب مع هذه الأنماط.
أعداد ضخمة تستدعي المرونة
بحسب بيانات شهر يونيو 2025، بلغ عدد العاملين في القطاع العام التركي أكثر من 5.28 ملايين موظف، بينهم نحو 3.47 ملايين موظف دائم و438 ألفاً بعقود مؤقتة، إضافة إلى 1.22 مليون عامل.
هذا الحجم الكبير من القوى العاملة — وفق الخبراء — يستدعي إصلاحات هيكلية تضمن المرونة في التنظيم والإدارة وتواكب عصر الرقمنة.
الأهداف الرئيسية
تتمثل أبرز أهداف الخطة الحكومية في:
-
رفع الإنتاجية في المؤسسات العامة عبر نماذج مرنة تتناسب مع متطلبات كل إدارة.
-
تعميم أفضل الممارسات الإدارية بين الهيئات الحكومية.
-
دمج العمل المرن ضمن أنظمة الضمان الاجتماعي والقوانين لضمان حماية الحقوق.
-
تحسين آليات التعيين والترقية وفق الكفاءة والأداء، مع إعادة تقييم الوزن النسبي للامتحانات الكتابية والشفوية.
محاور التنفيذ
تشمل الخطة تطوير بنية رقمية متكاملة لإدارة شؤون الموظفين، من خلال تحديث نظام Kamu Personeli Bilgi Sistemi (KPBS) ليصبح قاعدة بيانات مركزية لدعم اتخاذ القرار، إلى جانب تعديل التشريعات القائمة في مجالي العمل والموارد البشرية.
كما يجري إعداد مقترحات مشتركة بين وزارة العمل والضمان الاجتماعي والجهات الحكومية المعنية، لضمان الدمج الآمن للعمل المرن في بيئة الخدمة العامة دون الإخلال بالحقوق القانونية أو التزامات العاملين.
التحديات والفرص
تُعدّ هذه الخطوة واعدة من حيث تحسين بيئة العمل الحكومية واستقطاب الكفاءات الشابة، إلا أنها تواجه في المقابل تحديات تتعلق بـ:
-
تحقيق تكافؤ الفرص بين العاملين المرنين ونظرائهم التقليديين.
-
ضمان الرقابة على الأداء والجودة في بيئة العمل عن بُعد.
-
تأمين البنية التحتية التقنية المناسبة للاتصال والإدارة الرقمية.
ما القادم؟
من المقرر عرض التشريعات المقترحة قريباً على الجهات الرسمية للمصادقة، على أن تبدأ التجارب الميدانية الأولى خلال عام 2026.
ويرى مراقبون أن المشروع يُعبّر عن تحول في الفكر الإداري التركي نحو نموذج أكثر مرونة وفاعلية، يعيد تعريف علاقة الموظف بالدولة في ضوء متطلبات العصر الرقمي.
