اخر الاخبار
تركيا تقضي على فوضى أسعار العقارات بنظام جديد

تضافرت عدة عوامل لتؤثر سلبًا على سوق العقارات في تركيا، مما أدى إلى تراجع الأسعار بعد فترة من الجمود. فقد انخفضت مبيعات المنازل خلال شهر أبريل/نيسان الماضي إلى أدنى مستوى لها في عام 2025، وسط توقعات باستمرار الركود في هذا القطاع الذي بلغ ذروته، وفقًا لمراقبين، إلى درجة أثارت المخاوف من حدوث فقاعة عقارية قد تؤثر على الاقتصاد التركي بأكمله.
ويرى مختصون أن ارتفاع أسعار الفائدة المصرفية كان له دور كبير في تراجع الإقبال على الاقتراض بهدف شراء العقارات، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف القروض مقارنة باحتمالية ارتفاع أسعار العقارات.
وقد وصلت أسعار الفائدة في تركيا إلى مستويات تعتبر من الأعلى عالميًا. ووفقًا لهيئة الإقراض العقاري التركية، بلغ إجمالي حجم القروض العقارية 569.42 مليار ليرة تركية حتى 16 مايو/أيار، مسجلاً أبطأ زيادة أسبوعية خلال الأسابيع الخمسة الأخيرة.
ويشير المختصون أيضًا إلى أن المخاوف المتزايدة من شراء المنازل بعد الزلزال الذي ضرب إسطنبول في 23 أبريل/نيسان الماضي، تُعد من الأسباب الرئيسية لتراجع مبيعات العقارات، خاصة في ظل استمرار التحذيرات من “الزلزال الكبير” المتوقع في إسطنبول والمناطق المحيطة بها.
وبحسب معهد الإحصاء التركي (TÜİK)، انخفض عدد الوحدات السكنية المباعة في إسطنبول من 19,820 وحدة في مارس/آذار إلى 18,645 وحدة في أبريل/نيسان، وهو ما يمثل انخفاضًا شهريًا بنسبة 6.30%، ويعتبر أدنى مستوى مبيعات شهري منذ بداية عام 2025. وعلى مستوى عموم تركيا، بلغ عدد الوحدات السكنية المباعة خلال أبريل 118,359 وحدة، مع تسجيل تراجع في المبيعات في 11 محافظة مقارنة بشهر مارس/آذار.
ويلفت منسق المبيعات في شركة “يلدريم يابي غروب” أحمد ناعس، في حديث لـ”العربي الجديد”، إلى أن تراجع المبيعات لم يكن شاملاً لجميع أحياء إسطنبول، بل شهدت بعض المناطق المصنفة آمنة (13 منطقة) زيادة في المبيعات.
كما أشار إلى أن سكان الأحياء المهددة بالزلازل اضطروا إلى تغيير مساكنهم، سواء داخل إسطنبول، حيث ارتفعت إيجارات المنازل الجديدة بنحو 20%، أو إلى ولايات ومناطق قريبة مثل تشاطالجا، وأدرنة، وقرقلار إيلي.
وحول أسعار الأراضي الزراعية في محيط ولاية إسطنبول، التي تردد أنها شهدت إقبالًا بعد الزلزال، أوضح ناعس أن سعر المتر المربع وصل إلى نحو 4 آلاف ليرة. أما الأراضي الصالحة للبناء والتي تحمل تراخيص، فقد يصل سعر المتر المربع فيها إلى 15 ألف ليرة. ولفت إلى أن المخاوف ما بعد الزلزال لم تقتصر على الأراضي فقط، بل شملت أيضًا المنازل المتنقلة والكرفانات، نظرًا لما توفره من متطلبات حياة آمنة.
وفي ظل ما يراه مراقبون من تلاعب بأسعار العقارات ومخاوف من فقاعة عقارية، أطلقت وزارة البيئة والتحضر وتغير المناخ التركية اليوم تطبيقًا رقميًا جديدًا يحمل اسم “مركز معلومات القيمة”، يهدف إلى مراقبة القيم السوقية الحقيقية للعقارات ضمن بيئة رقمية شاملة. وأشارت الوزارة إلى أن النظام الجديد سيوفر بنية معلوماتية متكاملة تدعم مؤسسات الدولة، والبلديات، والمستثمرين، والمواطنين في تحليل الواقع العقاري، وتوجيه الاستثمارات العامة والخاصة بدقة وكفاءة أكبر.
ويهدف المشروع إلى ضبط أسعار الأراضي والمساكن، وإنهاء حالة الفوضى والتضخم غير المبرر في سوق العقارات، وسيعتمد على خرائط رقمية تفاعلية وذكاء اصطناعي متطور، لتمكين المستخدمين من الاطلاع على قيمة أي عقار أو قطعة أرض، مع إمكانية مقارنة الأسعار بين الأحياء والشوارع المختلفة. كما يسعى المشروع إلى كسر الاحتكار ومنع التلاعب بالأسعار، من خلال تقديم مرجع رسمي وشفاف يمكن الاعتماد عليه في التقييم العقاري، ما يلغي الحاجة إلى الاعتماد فقط على التقديرات الشخصية أو مكاتب العقارات التقليدية.