دولي
أقوى رجل في باكستان يخرج من الظل لمواجهة الهند

: بعد أسابيع قليلة من توليه منصبه، وجد قائد الجيش الباكستاني الجديد، الجنرال عاصم منير، نفسه في قلب تصاعد حاد للتوتر مع الهند عقب هجوم إرهابي دامٍ في كشمير الهندية. الجنرال الذي كان يفضل سابقًا العمل خلف الكواليس والظهور العلني المتحكم به، بات الآن الصوت الأبرز في اللهجة التصعيدية لباكستان تجاه جارتها النووية.
في أعقاب الهجوم الذي أسفر عن مقتل أكثر من عشرين سائحًا هندوسيًا بالقرب من باهالجام، وتصاعد المطالبات الهندية برد قوي، بدأ منير في تبني خطاب حاد. وخلال مناورة عسكرية، وقف منير على متن دبابة محذرًا: «لا مجال للغموض. أي مغامرة عسكرية من جانب الهند ستُقابل برد سريع وحاسم ومتصاعد»، مؤكدًا التزام باكستان بالرد بالمثل أو بأقوى على أي عمل عسكري هندي.
ويرى محللون أن تصريحات منير تهدف إلى إظهار القوة وتعزيز الدعم الشعبي الداخلي، خاصة في ظل الانقسامات السياسية والأزمات الاقتصادية التي تعاني منها باكستان والتي أضعفت الولاء التقليدي للمؤسسة العسكرية. لكن البعض يرى أن موقف منير يتجاوز الحسابات السياسية البحتة، حيث يوصف بأنه متشدد تجاه الهند، وأن تجربته في قيادة جهازي الاستخبارات العسكريين الرئيسيين في باكستان ومعتقده بأن الصراع مع الهند ذو طبيعة دينية قد شكل مواقفه.
وقد استشهد مسؤولون هنود بتصريحات سابقة لمنير وصف فيها كشمير بأنها «شريان الحياة» لباكستان، وهي عبارة راسخة في الخطاب القومي الباكستاني. وقد ردت وزارة الخارجية الهندية بوصف هذا التصريح بأنه «تحريضي»، مؤكدة أن كشمير جزء لا يتجزأ من الهند.
ومع تزايد المخاوف من تصعيد إضافي، دعت الولايات المتحدة والأمم المتحدة البلدين النوويين إلى التهدئة. وأكد المندوب الباكستاني لدى الأمم المتحدة أن بلاده ناقشت التوترات مع حليفتها الصين.
لكن الدبلوماسية وحدها قد لا تكون كافية، خاصة مع تعهد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بملاحقة «كل إرهابي وداعميه إلى أقاصي الأرض». وبعد هجمات مماثلة في عامي 2016 و2019، ردت الهند بضربات جوية داخل باكستان. ويقول محللون هنود إن مجرد ضربات جوية محدودة قد لا ترضي دعاة اليمين المتطرف هذه المرة.
وبعد هجوم باهالجام، تبنى منير خطابًا أيديولوجيًا صريحًا، مستشهدًا بـ«نظرية الدولتين» التي قامت عليها باكستان، والتي تفترض وجود أمتين منفصلتين، هندوسية ومسلمة. ويرى محللون أن إحياء هذا الخطاب يشير إلى تحول كبير في موقف باكستان تجاه الهند. وفي نفس الخطاب، أكد منير على دعم باكستان لـ«إخوانهم الكشميريين في كفاحهم البطولي ضد الاحتلال الهندي».
ويرى رئيس تحرير صحيفة «ذا برينت» الهندية أن توقيت وتصعيد هذه التصريحات يجعل تجاهلها صعبًا على الهند.
وقد رفضت باكستان أي ربط بين تصريحات منير والهجوم في كشمير، مؤكدة أن ادعاءات الهند لا أساس لها وأن النزاع على كشمير هو «جذر عدم الاستقرار» في المنطقة.
لطالما كانت كشمير بؤرة للتوتر بين الهند وباكستان منذ التقسيم عام 1947، وشهدت حروبًا وتمردات وانتشارًا عسكريًا مكثفًا.
وليست هذه الأزمة الأولى التي يواجهها منير في المنطقة. ففي عام 2019، كان يقود جهاز الاستخبارات الباكستاني القوي (ISI) عندما ردت الهند بضربات جوية بعد هجوم انتحاري في كشمير. لكن رئيس الوزراء آنذاك عمران خان أقاله لاحقًا وعارض ترقيته إلى منصب قائد الجيش، وظلت علاقتهما متوترة. وبعد الإطاحة بخان، تولى منير قيادة الجيش.
ويُعرف عن منير تحكمه الشديد في صورته العامة وتجنبه التصريحات العفوية، وغالبًا ما تتضمن خطاباته إشارات دينية. ويرى محللون أن تدينه ينعكس على نظرته للعلاقات مع الهند، وأنه قد يسعى إلى إدارة التوتر مع تحقيق مكاسب سياسية داخلية.
ويتفق البعض على أن منير يمثل استمرارًا للتوجه الديني المتزايد داخل الجيش الباكستاني. ويرى آخرون أنه يفضل السيطرة على أن يكون محبوبًا، وهو نهجه في السياسة الداخلية والخارجية على حد سواء.
وقد عزز الجيش دوره في العلاقة مع الهند من خلال تعيين رئيس جهاز الاستخبارات كمستشار للأمن القومي، وهو دور كان يشغله تقليديًا مدنيون أو جنرالات متقاعدون.
وفي ظل تجميد العلاقات الدبلوماسية واعتماد البلدين على الرسائل العلنية العدائية، يزداد خطر سوء التقدير وتصاعد الصراع. ويحذر محللون من أن أي رد عسكري هندي، حتى لو كان محدودًا، قد يؤدي إلى صراع أوسع نطاقًا.