مقالات وتقارير
قَبَسٌ مِنْ نُورِ القُران.. كلمة يتقون/ تتقون في القرآن الكريم
وردت كلمة يتقون/ت في القرآن الكريم بمختلف اشتقاقاتها 229 مرة في 214 آية في 60 سورة، وقد وردت بصيغة الفعل 160 مرة وبصيغة الاسم 69 مرة. وقد وردت بصيغة الفعل المضارع 50 مرة وبصيغة الفعل الماضي 28 مرة وبصيغة فعل الأمر 82 مرة، أما بصيغة الاسم فقد وردت على هيئة المصدر (تقوى) 16 مرة وعلى هيئة اسم الفاعل (متقون/ين) 52 مرة ومرة واحدة بصيغة المبالغة أتقى.
وفيما يتعلق بورود هذه الاشتقاقات في السور المكية والمدنية فيلاحظ الآتي: كلمة يتقون (16 مكية و4 مدنية) وكلمة تتقون (16 مكية و14 مدنية) وفعل الأمر اتق/وا (24 مكية و58 مدنية) والفعل الماضي اتقَوا/ى (12 مكية و16 مدنية) وكلمة تقوى (5 مكيىة و11 مدنية) وكلمة المتقون/ين (31 مكية و21 مدنية) وكلمة أتقى (1 مدنية).
سوف يقتصر هذا البحث على صيغة الفعل المضارع (يتقون التي وردت 20 مرة وكلمة تتقون التي وردت 30 مرة)، وسوف يتم تناول الصيغ الأخرى في أبحاث تالية بمشيئة الله.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 21
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 63
وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 179)
يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة 183)
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) البقرة 187
(وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) البقرة 224
(لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ۗ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ۗ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) آل عمران 28
(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) آل عمران 120
(بَلَىٰ ۚ إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ) آل عمران 125
(مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۚ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) آل عمران 179
(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) آل عمران 186
(وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) النساء 9
(وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) النساء 128
(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ۖ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ۚ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) النساء 129
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) الأنعام 32
(وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوا إِلَىٰ رَبِّهِمْ ۙ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الأنعام 51
(وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَٰكِنْ ذِكْرَىٰ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الأنعام 69
(وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأنعام 153
(أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) الأعراف 63
(وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا ۗ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۚ أَفَلَا تَتَّقُونَ) الأعراف 65
(وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ ۚ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ) الأعراف 156
(وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الأعراف 164
(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا الْأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ ۚ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ ۗ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) الأعراف 169
(وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأعراف 171
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) الأنفال 29
(الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ) الأنفال 56
(وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) التوبة 115
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) يونس 6)
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) يونس 31
(الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) يونس 63
وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) يوسف 57)
وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا ۚ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ) النحل 52)
(وَكَذَٰلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا) طه 113
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ أَفَلَا تَتَّقُونَ) المؤمنون 23
فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ أَفَلَا تَتَّقُونَ) المؤمنون 32)
سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) المؤمنون 87)
(قَوْمَ فِرْعَوْنَ ۚ أَلَا يَتَّقُونَ) الشعراء 11
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ) الشعراء 106)
(إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ) الشعراء 124
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ) الشعراء 142)
(إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ) الشعراء 161
إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ) الشعراء 177)
(وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) النمل 53
إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ) الصافات 124)
(أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) الزمر 24
(قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الزمر 28
وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) فصلت 18)
إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۚ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُم) محمد 36)
فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا) المزمل 17)
بالتأمل في الآيات السابقة يمكن تصنيفها إلى المجموعات التالية:
أولا: آيات الله الكونية: يونس 6، 31، النحل 52، المؤمنون 87
ثانيا: العبودية لله والعمل بمنهجه والسير على صراطه المستقيم: البقرة 21، 63، الأنعام 153، الأعراف 171، الزمر 28
ثالثا: وحدة الدعوة والرسالات: الأعراف 65، المؤمنون 23، 32، الشعراء 11، 106، 124، 142، 161، 177، الصافات 124،
رابعا: الإنذار والإعذار للناس: الأنعام 51، الأعراف 63، 156، 164، 169، التوبة 115، طه 113، المزمل 17،
خامسا: الابتلاء والامتحان: آل عمران 179، 186،
سادسا: المواجهة بين الحق والباطل: آل عمران 28، 120، 125، الأنعام 69، الأنفال 56، النمل 53، الزمر 24، فصلت 18،
سابعا: الأحكام الشرعية: البقرة 179، البقرة 183، البقرة 187، البقرة 224، النساء 128، 129،
ثامنا: عاقبة التقوى: النساء 9، الأنعام 132، الأنفال 29، يونس 63، يوسف 57، محمد 36
المعنى اللغوي والاصطلاحي:
لغة:
التقوى من وقى، والاتقاء : الحجز بين الشيئين، وهي كذلك: الوقاية، ومصدره: وقاء، بمعنى حِفْظ الشيء عما يؤذيه، وتأتي كذلك بمعنى الصيانة والحذر.
تَقْوى الله: خشيته والخوف منه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وهي (اِسْمٌ مِن اتَّقَى): كانَ رَجُلاً وَرِعاً شَديدَ التَّقْوَى: شَديدَ التَّنَسُّكِ وَالعِبَادَةِ وَاحْتِرَامِ الشَّرِيعَةِ
معجم الفروق اللغوية
الفرق بين التقوى والتُّقَى
قيل: التقوى خصلة من الطاعة يحترز بها من العقوبة.والتُّقى: صفة مدح لا تطلق إلاعلى من يستحق الثواب
اصطلاحا:
للتقوى العديد من التعاريف: منها ما قال طلق بن حبيب: إذا وقعت الفتن، فأطفئوها بالتقوى، قالوا: وما التقوى؟ قال: هي أن تعمل بطاعة الله على نورٍ من الله رجاءَ رحمة الله، والتقوى ترك معاصي الله على نورٍ من الله مخافةَ عذاب الله؛ وما قاله على بن أبي طالب رضي الله عنه: التقوى هي الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل، والإستعداد ليوم الرحيل، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: التقوى هي أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر، وقال عبدالله بن عمر: التقوى ألا ترى نفسك خيرًا من أحد.
منذ أن خلق الله تبارك وتعالى آدم ونفخ فيه من روحه، وخلق له زوجه من نفسه، وأسكنه الجنة، كان من قضاء الله تعالى أن يكون الهبوط إلى الأرض حيث سيتحقق الاستخلاف الذي تحدثت عنه الآية الكريمة (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ…) -البقرة 30- وكما يقول محمد باقر الصدر أن هذه الآية تتحدث عن بناء مجتمع بثلاثة أبعاد: وهي الإنسان وأخوه الإنسان (ذرية آدم) والأرض، أي المُستَخلَفُ و المستَخلَفُ والمستَخلَفُ فيه، أما البعد الرابع فهو المُستَخلِف، إنه الله عز وجل، وعند هبوط آدم إلى الأرض قال له ربه (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، فالهدى الذي ينزله الله تعالى على رسله هو لهدايتهم الصراط المستقيم، هو هذا البعد الرابع، وهو الذي في اتباعه الأمن والأمان والطمأنينة والسعادة، فلا خوف ولا حَزَن، وفيه القوة والترابط والانسجام بين الأبعاد الثلاثة، أما إذا غاب هذا البعد وتُركت الأبعاد الثلاثة وحدها، فسيعم الاضطراب والفساد والجهالة والظلم.
وبكلام آخر فالبعد الرابع هو هذا القرآن والكتب الأخرى التي سبقته من عند الله للناس، لتعم الأممَ السكينةُ والتراحم والتلاحم والترابط، وتتحقق الكرامة الإنسانية، وتتحقق الخلافة كما أرادها الله تبارك وتعالى.
وقد سبق الحديث في البحث الخاص بسورة القلم (إقرأ) عن القراءتين: القراءة باسم الله والقراءة بمعية الله، بمعنى آخر فهاتان القراءتان تحققان الشرطين: الذاتي والموضوعي للنهضة، لنهضة الأمم من كبواتها – كما هو حال الأمة الإسلامية اليوم – فالشرط الموضوعي يتحقق من خلال القراءة بمعية الله، وقد سبق الحديث عن هذا الأمر من خلال الأبحاث السابقة عن كلمات قرآنية (برهان، سلطان، سنة، سيروا، يعقلون، يتفكرون، يفقهون، يتذكرون، يدبرون، إقرأ)، وفي هذا البحث عن كلمة (يتقون) فسيتم الحديث عن الشرط الذاتي والذي يحقق القراءة باسم الله.
وسنبدأ الآن الحديث عن كلمة يتقون من خلال الموضوعات التي رأينا تقسيم الآيات إليها.
أولا: آيات الله الكونية: يونس 6، 31، النحل 52، المؤمنون 87
ومع الآية 6 من سورة يونس: (إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ).
تبدأ هذه الآية بحرف التوكيد (إِنَّ)، وقول االله تبارك وتعالى حق وصدق دون استخدام ذلك، ولكنه يتقرب إلى عباده ويخاطبهم بما يناسب مداركهم ومشاربهم ليرقق قلوبهم فتنشرح لتلقي ما يؤكده لهم بيقين أكبر، ثم يبين الله تبارك وتعالى ما يريد توكيده وهو اختلاف الليل والنهار (إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ)، فتعاقب الليل والنهار الدائب والمستمر على مدى الزمن المقدر من الله، في حساب دقيق على مدار العام طولا وقصرا، برودة وحرارة، معاشا وسباتا، خوفا وأمانا، هو آية بل آيات ينبغي التدبر فيها والتأمل في خباياها، ثم ينتقل السياق إلى كل الخلق (وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) مما أخبرنا عنه في كتابه العزيز، ففيه الآيات العظيمة الدالة على كمال قدرته الكلية، والتعقيب هنا جاء مختلفا عن الآية السابقة لها (والتي سنشير إليها لاحقا)، فقال تبارك وتعالى هنا (لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) فالذي يرى هذه الآيات والدلائل والبراهين هم المتقون، الذين يخشون ربهم، ويخافون عذابه، فالإيمان بالله قد عمر قلوبهم، والإيمان باليوم الآخر قد ملأ القلوب والوجدان، وتزينت جوارحهم بما يرضي ربهم من الأعمال الصالحة، فكان نظرهم في اختلاف الليل والنهار وفي كل ما خلق الله فسي السماوات والأرض هو نظر المستبصر لعظمة الله وقدرته وقوته وجبروته، هو نظر من يزداد يقينا بكل ما علَّمنا إياه من أسمائه وصفاته في كتابه وما جاء على لسان نبيه، ومن ثّمَّ يزداد خشية لله ورهبة من عذابه الذي أعده يوم القيامة لمن حاد عن الصراط المستقيم، إنهم في كل لحظة من حياتهم يرون عظمة الله في كل شيء، فيزدادون إيمانا وإحسانا وخشية وتقوى ونظرا وتأملا، هي الحلقة المستمرة التي ترتقي بهم إلى مصاف الأولياء والصديقين والخلصاء، ومن اللفتات الطيبة التي يشير إليها ابن عاشور في التحرير والتنوير في قوله تعالى (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) أي أن هؤلاء ليسوا أفرادا بل هم الجماعة من الناس الذين أصبحت سيماهم الجمعية التقوى، هم تعاونوا على البر والتقوى، هم أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر فكانت صفتهم التقوى، هم قوم يتقون، هم يتأملون آيات الله بكلياتها وليس بتفصيلاتها لليقين على العظمة الإلهية. أما في الآية السابقة لها (5) وهي أيضا تتحدث عن الشمس والقمر، وضيائها ونوره، ومنازل القمر وحساب الأيام والشهور والسنين، وهذا مما يعلمه الناس ويمارسونه فكان التعقيب في نهاية الآية (لقوم يعلمون). إنه كتاب الله المعجز بكل ما جاء فيه والذي لا تنقضي عجائبه، فما علينا إلا أن نتدارسه ونتلوه ونعمل بمقتضاه ونهتدي بهديه. (وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَءَاتَىٰهُمْ تَقْوَىٰهُمْ).
وإلى الآية 31 من سورة يونس: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ ۚ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ)
فبعد مشهد المشركين وشركائهم يوم القيامة، وظهور اليقين ببطلان ما كانوا عليه من الشرك، وضلال ما كانوا فيه من الكفر، وعاينوا العذاب الذي أنذرتهم رسلهم إياه إن استمروا على الكفر والعناد لله ولرسله في الآيات من 27 إلى 30، جاءت هذه الآية لإقامة الحجة عليهم من أنفسهم، ولتوبيخهم وتقريعهم على الانحراف الذي ما فتئوا يمارسونه رغم ذلك، ولأن الرسول (ص) مؤتمن على كتاب الله وعلى الوحي الذي يأتيه به أمين السماء جبريل عليه السلام، فقد بدات الآية بقوله تعالى (قُلْ) فما كان من النبي إلا أن يقرأها على الناس كما هي: (قُلْ)، ثم يكون الأسلوب القرآني الفريد باستخدام صيغة السؤال والجواب لأخذ الإقرار منهم على أنفسهم والشهادة ببطلان ما هم عليه من الشرك، فجاءت هذه الآية بعدد من الأسئلة، أربعة أسئلة تتعلق بأمور مرتبطة بأخص الأشياء في حياتهم اليومية والتي يعلمونها علم اليقين، وهي تُعرَض هنا كقضايا كلية بدون تفصيل، فهي قضايا الرزق، والخلق، والحياة والموت، وتدبير الكون، وهذا لا يتعلق بأمة عن أمة ولا بزمن عن زمن ولا بمستوًى علمي عن آخر، بل هو مستمر إلى يوم القيامة، وفي كل مرة سيكون الجواب واحدا من طرف كل من وصله السؤال: إنه الله، والتحدي المعجز لكل البشر هو أن أحدا لم يستطع ولن يستطيع أن يقول غير ذلك الجواب.
والآن مع السؤال الأول (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) من ذا الذي ينزل الغيث من السماء إلى الأرض فتنبت كل ما يحتاج إليه الإنسان والحيوان والطير من الطعام والغذاء، الجواب إنه الله، وفي سورة تبارك يكون السؤال المقابل (أَمَّنْ هَٰذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ ۚ بَل لَّجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُور) -21- إذا مُنِعَ القطر من السماء من سيأتيكم به؟ لا أحد يملك ذلك!، ثم يأتي السؤال الثاني (أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ) وأم هنا للإضراب الانتقالى، أي للانتقال من السؤال الأول إلى الثاني، إنها قضية الخلق، والإنسان هو أكرم خلق الله، والسمع والأبصار هم من أخص خصائص الإنسان ومن أهم الأعضاء الحسية فيه، والتي من خلالها يتم فهم وعلم وإدراك كل ما حولنا، وبها يتم تفعيل خاصية التفكير والقيام بأداء أمانة حرية الاختيار، (فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُر) -الكهف 29- وقد جاء السمع مفردا لأنه يقصد به جنس السمع، وهي الحاسة التي تبدأ عملها منذ الشهر الخامس في بطن الأم وتستمر طوال الحياة في حال لم يصبه عطب أو مرض، حتى أثناء النوم لا يتوقف السمع، من كافة الاتجاهات تأتي الموجات الصوتية، ولذلك فقد ضرب الله تبارك وتعالى على آذان أهل الكهف عندما أراد أن ينيمهم القرون العديدة (فَضَرَبْنَا عَلَىٰٓ ءَاذَانِهِمْ فِى ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا) -الكهف11- ، أما حاسة البصر فلا تبدأ عملها إلا خلال الأسبوع الأول بعد ولادة الطفل، لا تعمل في الظلام، لا تعمل إذا أغلق الإنسان جفنيه أو بأي حائل يمنع وصول الضوء إلى العين، ثم إن مجال الرؤية للعينين عند الإنسان محدود لا يصل إلى 130 درجة ثم يجب أن يدير عينيه أو جسده كله ليرى ما حوله كاملا، ولهذا جاءت الأبصار بصورة الجمع، وفي القرآن الكريم فلم ترد كلمة السمع بصيغة الجمع (أسماع) على الإطلاق، بينما جاءت الأبصار في كثير من الآيات ومفردة (بصر) في القليل منها. والمُلْك يكون بعد الخلق والقيام بالوظيفة كما يقول الشيخ الشعراوي في خواطره، فالله يملك الإنسان كله وبالتالي يملك سمعه وأبصاره، فإن أخذهما الله فمن يملك أن يعيدهما؟ لا أحد، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِهِ ۗ ..) -الأنعام 46- وقد أقر الكفار والمشركون أن الله هو الخالق، فهو المالك المتصرف كما يريد. ثم تأتي قضية الخلق (وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) وكما سبق القول فهم يقرون أن الله هو الخالق وهو المحيي والمميت، وهم يرون خروج الحي من الميت وخروج الميت من الحي في النبات والحيوان والإنسان على قدر بساطة علومهم، ونحن نرى ذلك اليوم على قدر اتساع وتطور العلوم، إنها قضية كلية لا يختلف عليها أحد ولا يماري فيها أحد، وقد أفاض المفسرون فيها ولا أرى ضرورة للإسهاب فيها لأنها مما نراه كل حين، ثم يأتي الإجمال لكل ما سبق وما لم يتم ذكره هنا (وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) والتدبيركما سبق الحديث عنه في البحوث السابقة هو القيام على الأمور كلها بأقصى درجات الكمال على الوجه الذي أراده الله، والأمر هو كل مرادات الله من الخلق والرزق والحياة والموت وحفظ الأكوان في أجمل وأبهى ما تكون عليه، وإجراء السنن والقوانين التي تحفظ كل خلقه على النسق الذي يريد، ولا يكون إلا ما يريد، (..فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) -المؤمنون14- والله عز وجل هنا يقول الإجابة الحتمية التي لا مناص أمامهم إلا قولها (فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ)، ولقد قالوها، ويقولونها اليوم ،وسيقولونها غدا حتي يرث الله الأرض ومن عليها، فهو العليم الحكيم، وهو السميع البصير، ويأتي التعقيب الأخير على هذه الإجابة المُقِرة لله تعالى بكل ما سبق (َقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) قل لهم يا محمد أما تتقون الله وأنتم تتخذون هذه الأصنام شركاء لله؟! أما تخافون عقاب الله وقد أنذرتكم ما سيحيق بكم في الآخرة إن بقيتم على كفركم؟!، أما تخافون أن يمنع الله عنكم الرزق أو يأخذ سمعكم وأبصاركم أو يأخذكم بعذاب من عنده في دنياكم قبل آخرتكم؟! أم أنكم تخافون وصمة العار بينكم إن كذبتم وأنكرتم ولا تخافون ربكم؟! أولى لكم أن تعودوا إلى ربكم، أولى لكم أن تؤمنوا بالله ورسوله قبل أن يحيق بكم العذاب الأليم، فخوفكم اليوم من الله وإيمانكم به واتباع منهجه الذي جاءكم في القرآن الكريم هو الأمن لكم في الآخرة بين يدي عذاب أليم.
وإلى الآية 52 من سورة النحل: (وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا ۚ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ)
تحدثت الآية السابقة (51) عن الألوهية ومقتضاها، حيث أمر الله عز وجل ألا يتخذ الناس إلهين اثنين، ومن باب أولى آلهة أكثر لأنه لا إله غيره، فكان التعقيب على صفات الألوهية من القوة والغلبة والقهر والسلطان والعزة والجبروت أن قال (فَإِيَّٰىَ فَٱرْهَبُونِ)، فالرهبة والخوف الشديد والحذر الواجب هو للإله القادر الغالب الحكم العدل الذي لا راد لقضائه، ولا نصير من بطشه وغضبه.
وتأتي هذه الآية معطوفة على قوله تعالى في الآية السابقة (إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَٰحِدٌ ۖ )، عطف جملة على جملة أو معطوفة على الخبر في نفس الجملة (إِلهٌ)، أي كما أن الله هو الإله الواحد فهو كذلك الرب الواحد، المالك الأوحد لكل ما في السماوات والأرض، والآية جاءت بأسلوب الحصر حيث بدأت بحرف الجر (اللام) والذي يفيد الملكية هنا، لكل ما هو موجود في السماوات والأرض من خلق علمناه أم لم نعلمه، ومهما وصل إليه العلم من تقدم فما زال ما نجهله أكثر كثيرا مما نعلمه (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) -الإسراء 85- وهذا المُلْك الكامل والشامل لكل شيء، وهذا التدبير التام لكل ما خلق، يقتضي أن يكون هو وحده المتصرف في مخلوقاته، وله تنبغي الطاعة الدائمة والخالصة (وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا)، ويؤكد المولى تبارك وتعالى هنا مرة أخرى بأسلوب الحصر (وَلَهُ) أن الدين له، وقد جاء هنا بمعاني متعددة كما يقول المفسرون: فهو الطاعة التامة والخضوع الخالص لله في كل ما أمر به والانتهاء عن كل ما نهى عنه، أو هو الديانة بكل ما فيها من تشريعات وتوجيهات وعبادت ومناسك، وقيم أخلاقية واجتماعية واقتصادية، فالدين لله رب العالمين دون شريك، أو هو الجزاء الدنيوي، والأخروي الدائم بعد الحساب يوم القيامة: فإما نعيم دائم أو عذاب مقيم، وفي المعاني الثلاثة فالدين لله دائما وأبدا، في الرخاء والشدة، في القوة والضعف، هذه هي الحقيقة التي تقررها هذه الآية مع الآية التي سبقتها من تقرير الألوهية، وحدانية الألوهية والربوبية، ثم يأتي التعقيب المناسب لمقتضى الربوبية والدين (أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ) إنه الخطاب المباشر من الله للناس، إنه السؤال المزلزل المرعب للناس: أتخافون غيري وكل من عداي مملوك لي، كل من عداي مخلوق لي، لا يملك أي ممن اتخذتم شركاء معي شيئا لنفسه، فكيف يملك لكم ضرا أو نفعا، الله يقول هنا: أنا الله الواحد الأحد ربكم ورب آبائكم ورب ما عبدتم من دوني، فارهبوني وخافوني واتقوني.
نعم ما لنا نحن العبيد الضعفاء الفقراء إلى الله إلا أن نعبده فلا نفتر، ونشكره فلا نكفر، ونتقي عذابه ونخشى عقابه، ونعمل ما يرضيه وننتهي عما يغضبه رغبا ورهبا، هذا هو ما يريده الله منا، أفلا نكون من المتقين!!
وإلى الآية 87 من سورة المؤمنون: (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ)
تجيب هذه الآية الكريمة على السؤال الوارد في الآية السابقة لها (86) (قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)، وقد سبق هذه الآية سؤال آخر عن ملكية الأرض ومن فيها مع نفس الإجابة بتعقيب آخر يتناسب معها (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)، أما السؤال في الآية 86 فهو: من هو رب السماوات السبع ورب العرش العظيم؟ وكانت الإجابة المتوقعة أن تكون (الله) ولكن الله تبارك وتعالى بعلمه وحكمته قال في الآية (سَيَقُولُونَ لِلَّهِ) وهذا أنهم قد أشركوا بالله آلهة أخرى، أصناما من الحجارة أو غيرها مما يتوافر معهم في حلهم وترحالهم، هم يعرفون أن الله خالق السماوات والأرض، وواضح تماما أن لديهم آثارا من إبراهيم وإسماعيل عن السماوات السبع وعن العرش العظيم، لأنهم لم ينكروا ذلك، لم يقولوا لا نرى إلا سماء واحدة فوقنا، بل أقروا على أنفسهم أنها لله، هم يقولون أنهم يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى، هم يقولون في أثناء طوافهم حول الكعبة: لبيك لا شريك لك، إلا شريكا هو لك، تملكه وما ملك. هم يعترفون ويقرون أن الله يملك هذه الآلهة وما ملكت (وهي لا تملك من أمرها شيئا فكيف تملك شيئا؟!) هم يرون عظمة السماء الدنيا بنجومها وكواكبها وأجرامها، وسمعوا سابقا دون إنكار عن العرش العظيم، فكيف لا تخافون الله وتخافون أصناما مملوكة لله؟! أي خلل وانحراف في التفكير هذا؟! مخلوق يخشى من مخلوق مثله سواء كان إنسانا أو حيوانا أو جمادا!!، (قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) قل ذلك لهم على سبيل التقريع والتوبيخ على هذا الضلال والجهالة. أفلا تخافون الله المالك، العزيز الجبار المتكبر، أفلا تتقون عقابه في الدنيا والآخرة؟!
والناظر في الآيات السابقة يرى أنها أرادت التأكيد على العظمة والقدرة والقوة الإلهية، وفي نفس الوقت مخاطبة النفس البشرية وإثارة المشاعر، والتفاعل مع الوجدان من أجل تخليص النفس من كل الأدران التي يمكن أن تتراكم نتيجة للغفلة عن الله وعن كتاب الله وعن منهج الهدي النبوي الشريف، فالله تبارك وتعالى يعيد التأكيد مرة بعد مرة في هذه الآيات على الجانب الأعلى والأسمى في الإنسان، إنها نفخة الروح في هذا الجسد، إنه عز وجل يريد من هذه الروح أن تحلق في آفاق واهبها (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) -الحجر 29- إنه التجرد الكامل لله والإخلاص له، فتتحقق الآية الكريمة (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) -الأنعام 162-، إنها الرقابة الذاتية التي ترى الله في كل حين، إنها الإحسان كما عرَّفه الرسول الكريم في الحديث الصحيح “أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك”، إنها الخشية من الله وحده، فلا خوف من أي شيء سواه، فتكون النتيجة: القوة في قول الحق في وجه سلطان جائر، القوة في المواجهة مع جبهة الباطل، الإقدام في مواطن الحرب والنزال، التضحية بالغالي والنفيس في سبيل الله، وهل أغلى من الروح؟!!! وهي في نفس الوقت تحقق الانسجام الكامل مع الكون من حولنا وتسمح للإنسان أن يتفاعل معه ويسبر أغواره ويكتشف نواميسه وقوانينه لتسخيرها لإعمار الأرض،وتمكنه كذلك من إصلاح شأنه ودنياه كما أراد الله تعالى من استخلافه فيها، وهي تحقيقٌ للشرط الذاتي على مستوى النفس والروح متوافقا مع الشرط الموضوعي من خلال التأمل والتفكر وإعمال كل القوى الكامنة في العقل البشري على منهاج الله الذي أنزله في كتبه على رسله عليهم السلام.
الكاتب: الأستاذ محمود شاكر