Connect with us

مقالات وتقارير

أوروبا تحتاج أردوغان ولن يقدّم لهم خدماته بالمجان

Published

on

أوروبا تحتاج أردوغان ولن يقدّم لهم خدماته بالمجان

على الرغم من غيابها عن قمة ألاسكا بين الرئيسين الأمريكي والروسي، كانت تركيا الحاضر الأبرز في النقاشات حول مستقبل أوكرانيا. فالحرب الدائرة، وتطورات السلام المحتملة، تضع أنقرة في قلب الأحداث، مما يدفعها لإعادة ترتيب أوراقها في ملفات استراتيجية حيوية تتعلق بأمنها ومصالحها.

 

دور تركي محوري في مستقبل أوروبا

 

تُعد تركيا، بفضل قوتها العسكرية وموقعها الجغرافي، عنصراً حيوياً لا غنى عنه في أي ترتيبات أمنية أوروبية مستقبلية. وقد أكد الرئيس أردوغان مراراً أن “الأمن الأوروبي لا يمكن تصوره بدون تركيا”، وهو ما يشاركه فيه الأمين العام لحلف الناتو. وتأمل أنقرة في استثمار هذا الدور للحصول على مكاسب دبلوماسية، مثل تحديث الاتحاد الجمركي وإحياء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك، لا تبدو تركيا مستعدة للتحول إلى مجرد “حارس للبوابة الشرقية” لأوروبا دون مقابل. فبينما يرغب الأوروبيون في إشراكها بقوات لحفظ السلام في أوكرانيا، تظل هناك خلافات عميقة، مثل موقف الاتحاد الأوروبي من القضية القبرصية، وبعض التقارير الأوروبية التي تعتبر تركيا “تهديداً” في سياق الأمن القاري.

 

مستقبل البحر الأسود في خطر

 

تخشى تركيا من أن تؤدي أي تسوية سلام محتملة في أوكرانيا إلى تثبيت سيطرة روسيا على الأراضي التي استولت عليها، بما في ذلك شبه جزيرة القرم. فهذا الوضع يهدد التوازن الجيوستراتيجي في البحر الأسود، ويُعَدّ خطراً على المصالح التركية، خاصة في ظل وجود جالية كبيرة من أتراك القرم.

وللحفاظ على هذا التوازن، تعمل أنقرة على بناء استراتيجية أمنية واقتصادية بالتعاون مع الدول المطلة على البحر الأسود، ورفض الاعتراف بالسيادة الروسية على القرم، مع التأكيد على ضرورة بقاء البحر الأسود بعيداً عن الصراعات العسكرية.

 

سوريا: مخاطر متجددة

 

يمكن لأي تفاهم أمريكي-روسي حول أوكرانيا أن يمنح موسكو فرصة لزيادة تدخلها في الملف السوري. وتخشى تركيا من تكرار سيناريوهات سابقة، حيث قد تُستخدم ملفات الأقليات، مثل “قسد”، لتعزيز النفوذ الروسي.

لذلك، تُعَدّ المسارعة إلى إنهاء الجيوب الانفصالية في شمال شرق سوريا أولوية قصوى لتركيا، لتفادي أي تعقيد جديد في المشهد الأمني، خاصة في ظل التراجع المحتمل للدعم الأوروبي لقوات “قسد” في حال انخراط أوروبا في شراكة أمنية أوسع مع تركيا.

في الختام، تجد تركيا نفسها أمام فرص وتحديات متناقضة في آن واحد، مما يتطلب منها استعداداً دبلوماسياً وعسكرياً دقيقاً للتعامل مع التداعيات المحتملة لأي تسوية سلام في أوكرانيا.

مقال للكاتب : سمير العركي

فيسبوك

Advertisement