الاقتصاد التركي
الذهب بأياديهم.. الحرفيون الأتراك ينتقلون من الظل إلى العالمية، حجز مسبق وسكرتاريا

ترجمة وتحرير موقع تركيا اليوم
من ورش تصليح السيارات إلى دهانات الفيلات الفاخرة، يشهد قطاع الحرفيين في تركيا تحولًا جذريًا، حيث بات الحجز المسبق شرطًا أساسيًا للحصول على خدمة. لم يعد الحرفي مجرد عامل في خلفية المشهد، بل أصبح بعضهم اليوم أيقونات محلية تدير أعمالها بنظام المواعيد، والسكرتارية، والمساعدين، بل وحتى عبر حسابات إلكترونية مزدهرة.
العمال ذوو “الياقات الذهبية” يزيحون “الزرقاء”
في ظل ارتفاع الطلب الحاد على المهارات اليدوية، برزت موجة جديدة أطلق عليها الإعلام المحلي وصف “الياقات الذهبية”. سواء كان الأمر يتعلق بالسباكة أو الكهرباء أو دهان الفيلات، أصبحت رواتب الحرفيين المؤهلين تتجاوز 150 ألف ليرة تركية شهريًا، متفوقةً على العديد من المهن البيضاء التقليدية.
وفي أحياء راقية مثل زكريا كوي، وغوكتورك، وساريير، يُطلب من العملاء حجز مواعيد مسبقة قد تمتد من أسبوعين إلى شهر كامل. بعض الحرفيين أصبحوا يعملون وفق جداول شهرية محجوزة بالكامل، وبتنظيم سكرتيرات خاصات ومساعدين.
دخل يومي يصل إلى 40,000 ليرة تركية
بحسب تقرير صحيفة “صباح”، تتراوح دخول الحرفيين في بعض المناطق الراقية بين 15,000 و40,000 ليرة يوميًا. على سبيل المثال، قد تبلغ تكلفة دهان فيلا فاخرة في غوكتورك 200,000 ليرة تركية، بينما قد تصل كلفة دهان غرفة معيشة واحدة فقط في زكريا كوي إلى 35,000 ليرة.
من المطرقة إلى السوشيال ميديا
لم تعد شهرة هؤلاء الحرفيين مقتصرة على الأحياء، بل امتدت إلى منصات التواصل الاجتماعي. يمتلك العديد منهم حسابات نشطة على تيك توك وإنستغرام، مع آلاف المتابعين. ويقومون بنشر فيديوهات تُظهر مهاراتهم، إلى جانب توفير أنظمة حجز رقمي للمواعيد عبر تطبيقات هاتفية، باتت منتشرة في إسطنبول وأنقرة وإزمير.
الورش تكتظ بالحجوزات… ولا مكان للزيارات المفاجئة
في ورش تصليح السيارات المنتشرة بشوارع إسطنبول، بات من شبه المستحيل ترك سيارتك دون موعد مُسبق. يقول أحد الحرفيين:
“من الصعب إيجاد فني مؤهل، وإذا وجد، فإن أول موعد سيكون بعد شهر”.
وفي ظل نقص اليد العاملة المؤهلة، حتى بعد عرض رواتب تصل إلى 150 ألف ليرة شهريًا، تعاني الشركات من صعوبات كبيرة في التوظيف، خصوصًا في المناطق المتضررة من الزلازل، حيث يتسارع البناء وتزداد الحاجة للكفاءات الفنية.
عصر رؤساء العمال المحترفين بدأ
لم يعد الأمر مقتصرًا على “الصنعة”، بل تحول إلى صناعة كاملة مدفوعة بالتقنيات الرقمية والتنظيم المحترف. يقول أحد كبار أصحاب الشركات:
“نعرض رواتب بين 70 و150 ألف ليرة، لكن لا نجد كوادر تؤهّل لتولي مناصب كرؤساء عمّال”.
وهكذا، يبدو أن النجومية الحرفية لم تعد حكرًا على الفن والموسيقى… فالمطرقة والفرشاة، اليوم، تدرّ ذهبًا.