Connect with us

الجاليات العربية

الانتخابات التركية وانعكاساتها على تركيا والسوريين المقيمين فيها

Published

on

توزيع السوريين تركيا

وضعت الانتخابات التركية الأخيرة أوزارها، وأعاد الشعب التركي انتخاب أردوغان بأغلبية كبيرة في الجولة الثانية. إن الإقبال اللافت للناخبين يؤكد على مدى أهمية الانتخابات في تركيا ويعكس كذلك مدى النضوج الديمقراطي للشعب التركي. الآن وباعتبار نتائج هذه الانتخابات من الضروري النظر في مستقبل تركيا ووضع المعارضة التركية، بالإضافة إلى الآثار المترتبة على السوريين المقيمين على الأراضي التركية. 

لم تكن نتيجة الانتخابات الأخيرة مفاجئة، فقد أشارت نتائج الجولة الأولى بالفعل إلى موقف أردوغان القوي. وبقي السؤال الوحيد حينئذ يتعلق بمقدار الهامش الذي سيضمن به أردوغان الفوز في الجولة الثانية. وهكذا صاغ أردوغان حملته للجولة الثانية بلباقة، وخفف من حدة لهجته وقدم نفسه كرئيس لجميع الأتراك، بدا ذلك جليا في خطاب الشرفة التقليدي الذي ألقاه ليلة الجولة الأولى من الانتخابات، ومن المرجح أن يسعى أردوغان إلى المصالحة مع المعارضة التركية للحد من التوترات الاجتماعية داخل البلاد.

ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن هذا الفوز بقدر ما يمثل انتصارا يمثل أيضا نهاية لمسيرة أردوغان السياسية إذ ستكون الانتخابات البلدية المقبلة أكثر تركيزا على حزب العدالة والتنمية ككل بدلا من أردوغان شخصيا مما سيرسم ملامح حقبة ما بعد أردوغان. سيبقى أردوغان في السلطة لمدة خمس سنوات أخرى، لكنه لن يكون قادرا على الترشح لمنصب الرئيس بسبب القيود الدستورية. وبدون تغييرات دستورية ستكون هذه الفترة خاتمة ولاياته الرئاسية مع العلم أن الديناميكيات الحالية في البرلمان التركي لا تسمح لأردوغان بمتابعة إصلاحات دستورية.

مصير الأحزاب الصغيرة

إن أحزابا صغيرة كحزب الديمقراطية والتقدم وحزب المستقبل وحزب السعادة والحزب الديمقراطي والتي حصلت على تمثيل برلماني بفضل خوضها الانتخابات تحت لواء حزب الشعب الجمهوري المعارض قد تحاول تشكيل كتل منفصلة داخل البرلمان التركي. واعتمادا على التطورات السياسية المستقبلية قد تسعى هذه الكتل حتى إلى المصالحة مع حزب العدالة والتنمية وأردوغان، مما يوفر له خيارا بديلا لحزب الحركة القومية لتشكيل تحالفات.

نظرا لأن السنوات الخمس المتبقية لأردوغان في السلطة ستركز على الأرجح على إرثه بدلا من المسائل السياسية الفورية، فمن المرجح أيضا أن تستمر رسائله التي تم نقلها عبر خطاب الشرفة وتميز هذه الفترة الأخيرة. من المحتمل أن يمد أردوغان غصن الزيتون للمعارضة ويعمل داخل حزب العدالة والتنمية لتهيئة الحزب لحقبة ما بعد أردوغان. أما على الصعيد المحلي فيمكن لتركيا أن تتوقع بضع سنوات من الهدوء النسبي.

على الصعيد الخارجي، من المتوقع أن تتبنى السياسة التركية نهجا أكثر حزما إذ إن فوز أردوغان في الانتخابات والذي يمثل المرحلة الأخيرة من فترة حكمه سيمنح تركيا مزيدا من المرونة في قرارات متعلقة بسياستها الخارجية. من المحتمل أن تكون عملية عسكرية أخرى عبر الحدود في سوريا على جدول الأعمال، وستستفيد تركيا كذلك من قوتها المتعاظمة في الصناعات الدفاعية في تأمين المزيد من المكاسب الجيوسياسية والاستمرار في اتباع نهج براغماتي يتعامل مع الواقع في السياسة الخارجية.

وكما لوحظ في السنوات المنصرمة ستحافظ تركيا على توازن دقيق بين علاقاتها مع كل من روسيا والغرب، وستعمل على تحسين العلاقات مع الدول العربية وإسرائيل، وستمنع اليونان من رفع سقف مطالبها في شرق البحر الأبيض المتوسط حتى تنخرط في مفاوضات جدية معها.

على الجانب الآخر من السياسة التركية، من المرجح أن تواجه المعارضة أوقاتا تتسم بعدم الاستقرار. ففوز أردوغان يأتي بمنزلة صدمة بعد حكم دام 20 عاما ناهيك عن تحديات مثل جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا والعدد الكبير من اللاجئين وكذلك التضخم المرتفع. ففشل المعارضة في الفوز في ظل ظروف كهذه يثير الشكوك حول مدى قدرتها على النجاح في المستقبل. تمثل هذه الهزيمة الخسارة الانتخابية الثانية عشرة للمعارضة منذ أن تولى كمال كليتشدار أوغلو قيادة حزب الشعب الجمهوري. يبدو أن حياة كليتشدار أوغلو السياسية قد شارفت على النهاية.

مما يجدر ذكره أن كلا من أكرم إمام أوغلو ومنصور يافاش قد لعبا دورا متواضعا نسبيا بعد الجولة الأولى من الانتخابات. يتمتع كلا السياسيين بفرصة حقيقية لخلافة كليتشدار أوغلو وتولي قيادة حزب المعارضة الرئيسي من بين المرشحين العديدين لهذا المنصب، بيد أن إمام أوغلو يبدو متصدرا قائمة الخيارات المطروحة.

سيخضع ثاني أكبر حزب معارض وهو “الحزب الصالح” لمناقشات داخلية مكثفة سيطرح من خلالها العديد من الأعضاء تساؤلات وينتقدون سياسات الحزب لا سيما قراره الانضمام إلى الطاولة السداسية. يبدو أن هذه الخطوة كانت خطأ فادحا بالنسبة للحزب الصالح. علاوة على ذلك أضر الحزب بدعم قاعدته الانتخابية بسبب تردده في الخروج والعودة إلى الطاولة السداسية. لكن إذا ما تمكن الحزب الصالح من النجاة من هذه المناقشات الداخلية ونأى بنفسه عن حزب الشعب الجمهوري، فمن المحتمل أن يظهر كقوة ثالثة قابلة للحياة في السياسة التركية.

قضية اللاجئين السوريين

أخيرا، اكتسبت قضية اللاجئين السوريين في تركيا أهمية متجددة خلال الجولة الثانية رغم التراجع النسبي لهذه القضية عما قبل. إن قرار كليتشدار أوغلو استغلال هذه المسألة لتحقيق مكاسب سياسية قد أكد مدى أهميتها. يكمن الخلاف بين المعارضة التركية والتحالف الحاكم في نهج كل منهما تجاه اللاجئين. فالمعارضة تطالب بترحيل اللاجئين قسرا في حين يهدف التحالف الحاكم إلى تشجيع السوريين على العودة الطوعية والآمنة وبكرامة من خلال تحسين الظروف المعيشية في شمالي سوريا. ومع ذلك، فإن كلا الجانبين يخدع نفسه إلى حد ما، حيث أصبح معظم السوريين بالفعل جزءا لا يتجزأ من نسيج المجتمع التركي ومن غير المرجح أن يعودوا سواء طواعية أو بالإكراه.

بعد صدور نتائج الانتخابات من المتوقع أن تتراجع أهمية قضية اللاجئين، إذ إنه من غير المرجح أن تستمر المعارضة في استخدامها كأداة سياسية على الأقل حتى الانتخابات البلدية المقبلة. وبالرغم من ذلك يمكن للمرء أن يتوقع أن تستعيد هذه القضية زخما خلال تلك الانتخابات العام المقبل. ستسعى الحكومة التركية إلى تحقيق هدفين يتعلقان بالسوريين: تسهيل العودة الطوعية لأكبر عدد ممكن منهم إلى سوريا وتقليل تركز السوريين في إسطنبول والمدن التركية الكبرى الأخرى.

بعد الانتخابات البلدية القادمة يمكننا أن نتوقع فترة أربع سنوات قد يأتي خلالها كل من الأتراك والسوريين لقبول واقع الوجود السوري في تركيا. وفقط بعد أن يدرك الطرفان حقيقة وطبيعة هذا الوجود يمكنهما التصرف بمسؤولية وحكمة وبطريقة تتعامل مع الاهتمامات الاجتماعية والسياسية والديموغرافية للبلد.

Continue Reading
Advertisement
Comments

فيسبوك

Advertisement
الاقتصاد التركيساعة واحدة ago

رفع الحد الأقصى للدفع غير التلامسي (Temassız) من خلال البطاقات البنكية

أخر الأخبارساعتين ago

تعليق الشرطة الإسرائيلية على تصفية السائح التركي الذي طعن عنصرا تابعا لها في القدس (صور+ فيديو)

فيديو البنت والقناع المنتشر على التيك توك
أخبار تركيا اليوم3 ساعات ago

مقترح لـ حظر تطبيق تيك توك في تركيا

أخر الأخبار5 ساعات ago

مقتل مواطن تركي طعن شرطيا إسرائيليا في القدس

أخبار تركيا اليوم7 ساعات ago

بلدية أنقرة التي يقودها حزب الشعب الجمهوري تستعد لتغيير شعار البلدية الذي يضم مئذنتي جامع مع القبة

الاقتصاد التركي7 ساعات ago

إجراءات صارمة ضد مستخدمي الأيبان..كيف ستتعامل المالية معهم؟

الاقتصاد التركي8 ساعات ago

ليست إسطنبول.. الكشف عن الولاية التي لديها أعلى دخل إيجار

افاد التركية زلزال
أخر الأخبار8 ساعات ago

AFAD تبدأ بإرسال الخيام والحاويات: ولاية تركية تستعد لزلزال محتمل وتصريح من الوالي للسكان

أخبار تركيا اليوم8 ساعات ago

هام لسكان إسطنبول.. فرض قيود على خطوط النقل العام غداً الأربعاء 1 مايو

أخر الأخبار8 ساعات ago

بيان من الرئاسة التركية حول مجانية المواصلات في إسطنبول وأنقرة وإزمير

أخبار تركيا اليوميوم واحد ago

هكذا خدعوهنّ.. إجبار نساء أجنبيات على ممارسة الدعارة في إسطنبول! (صور)

أخبار تركيا اليوميوم واحد ago

امرأة أجنبية تقاوم الشرطة وتخلع ملابسها بعد ان حاولت التحقق من صلاحية تصريح إقامتها في مترو إسطنبول

أخر الأخباريوم واحد ago

وزير الداخلية يعلن إحباط هجوم إرهابي كبير في إسطنبول

أخبار تركيا اليوميوم واحد ago

هل تم إغلاق طلبات تأشيرة شنغن للمواطنين الأتراك؟

أخبار تركيا اليوميوم واحد ago

عطلة رسمية في تركيا تشمل جميع المؤسسات الحكومية والدراسية باستثناء هذه الأقسام

الاقتصاد التركييوم واحد ago

شركة Getir تعلن انسحابها من الأسواق الأوروبية والأمريكية

أخبار تركيا اليوميوم واحد ago

كائن فضائي أم ماذا.. جسم غامض يظهر في سماء 3 محافظات تركية ويثير الذعر!

أخر الأخباريوم واحد ago

بيان هام من وزير الداخلية التركي حول احتفالات 1 مايو في ميدان تقسيم

الخطوط الجوية التركية
أخبار تركيا اليوميوم واحد ago

زيادة بنسبة 30% على تذاكر الطيران الداخلية في تركيا

أخبار تركيا اليوميومين ago

السوريون يتصدرون قائمة الحاصلين على لجوء بالاتحاد الأوروبي في 2023