مقالات وتقارير
الجنسية التركية في 2025.. مسارات متعددة وتعديلات دقيقة تجذب العرب
في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة وسعي أنقرة لتعزيز الاستثمارات الأجنبية، أصبحت مسألة اكتساب الجنسية التركية محطّ اهتمام واسع، خاصة بين أبناء الجاليات العربية المقيمة في البلاد. ومع دخول عام 2025، تشهد السياسات التركية المتعلقة بالجنسية تعديلات وإيضاحات جديدة، خصوصاً في برنامج “الجنسية عبر الاستثمار” الذي يُعدّ أحد أبرز مساراتها.
مسارات الحصول على الجنسية التركية
ينظّم قانون الجنسية رقم 5901 التركي عملية اكتساب الجنسية عبر عدة طرق، أبرزها:
1. الجنسية عبر الاستثمار
يُعتبر هذا المسار الأسرع والأكثر جذباً للمستثمرين الأجانب.
وبحسب المركز الوطني للاستثمار، يُشترط:
-
شراء عقار لا تقل قيمته عن 400 ألف دولار أمريكي (أو ما يعادله بالليرة التركية)، مع التعهد بعدم بيعه لمدة ثلاث سنوات.
-
أو إجراء استثمار ثابت أو إيداع بنكي أو شراء سندات حكومية بقيمة 500 ألف دولار لمدة ثلاث سنوات.
ولا تشترط تركيا إقامة طويلة قبل التقديم، ما يجعل هذا المسار خياراً مفضلاً لدى المستثمرين العرب. وتُنجز معاملات الجنسية عادة في فترة تتراوح بين ستة إلى اثني عشر شهراً.
2. الزواج من مواطن/ة تركيّ/ة
يمكن لمن يتزوج مواطناً تركياً التقدم بطلب الجنسية بعد مرور ثلاث سنوات على الزواج، بشرط أن يكون الزواج حقيقياً وليس لغرض الحصول على الجنسية فقط.
وتقوم السلطات بتقييم الحياة الزوجية والظروف الاجتماعية للتأكد من صحة العلاقة.
3. الإقامة الطويلة أو “التجنيس الطبيعي”
من يقيم في تركيا خمس سنوات متواصلة بشكل قانوني يمكنه التقدم بطلب التجنيس، بشرط إثبات الاندماج في المجتمع التركي، والقدرة على إعالة نفسه مادياً، وسلامة السجل الجنائي.
وتُخفض هذه المدة في بعض الحالات الخاصة، مثل من له والد تركي أو قدّم خدمات مميزة للدولة.
4. النسب أو الأصل التركي
يمنح القانون الجنسية تلقائياً لأي شخص يولد لأب أو أم تركية (الحق بالدم).
كما يتيح التقديم لمن يثبت أن له أصولاً تركية عبر أحد الأجداد، بشرط توفر الوثائق الرسمية التي تؤكد الصلة.
الشروط العامة المشتركة
بغضّ النظر عن المسار، يجب أن يستوفي المتقدّم الشروط التالية:
-
أن يكون عمره 18 عاماً أو أكثر.
-
أن يمتلك سجلاً جنائياً نظيفاً ولا يشكل تهديداً للأمن القومي.
-
أن تكون لديه إقامة قانونية أو وضع نظامي واضح داخل تركيا.
-
أن يقدم الوثائق الرسمية المترجمة والمصدّقة (جواز سفر، شهادة ميلاد، إثبات دخل أو استثمار، عقد الزواج أو الإقامة).
التعديلات البارزة لعام 2025
تؤكد الجهات الرسمية أن الحد الأدنى للاستثمار العقاري ما زال ثابتاً عند 400 ألف دولار بعد رفعه من 250 ألفاً في السنوات السابقة.
كما تم التشديد على ضرورة تنفيذ جميع العمليات المالية عبر حسابات بنكية تركية رسمية لضمان الشفافية ومصدر الأموال.
ولم تفرض تركيا حتى الآن شرط اجتياز اختبار اللغة التركية على المتقدمين عبر مسار الاستثمار، ما يجعل هذا الطريق أكثر سهولة للمستثمرين من الدول العربية.
خطوات وإجراءات التقديم
-
اختيار المسار المناسب (استثمار – زواج – إقامة – نسب).
-
إعداد الوثائق الرسمية وترجمتها وتصديقها.
-
تنفيذ الاستثمار أو إتمام الزواج القانوني أو الحصول على تصريح الإقامة.
-
تقديم الطلب إلى مديرية النفوس والجنسية.
-
انتقال الملف إلى وزارة الداخلية ورئاسة الجمهورية لاعتماد القرار النهائي.
-
بعد الموافقة، يحصل المتقدّم على بطاقة هوية تركية وجواز سفر تركي.
المزايا التي تمنحها الجنسية التركية
-
حق الإقامة الدائمة والعمل والدراسة داخل تركيا.
-
إمكانية السفر إلى أكثر من 110 دول دون تأشيرة أو بتأشيرة عند الوصول.
-
الاحتفاظ بالجنسية الأصلية في أغلب الحالات، حسب قوانين البلد الأم.
-
الاستفادة من الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية على قدم المساواة مع المواطنين الأتراك.
ملاحظات وتوصيات للجاليات العربية
يحذّر خبراء الهجرة من الوقوع في فخّ المكاتب غير المرخّصة التي تروّج لطرق “سريعة” أو “مضمونة” للحصول على الجنسية، مؤكدين أن كل طلب يخضع لمراجعة قانونية دقيقة.
كما يُنصح الراغبون بالتجنس بتوثيق كل تعاملاتهم عبر محامٍ مختص، وضمان أن تكون الأموال المستثمرة نظيفة المصدر ومثبتة رسمياً.
ورغم أن اللغة التركية ليست شرطاً في أغلب المسارات، إلا أن إتقانها يسهل المعاملات ويساعد في الاندماج داخل المجتمع التركي.
بين السياسة والاقتصاد
يرى محللون أن سياسة “الجنسية مقابل الاستثمار” أصبحت ركيزة في استراتيجية تركيا لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، خصوصاً من الشرق الأوسط.
غير أن هذه السياسة تثير أيضاً جدلاً داخلياً حول تأثيرها على سوق العقارات وأسعار السكن.
وبالنسبة للعرب، تمثل الجنسية التركية فرصة استقرار طويلة الأمد في بيئة آمنة اقتصادياً واجتماعياً، لكنها تتطلب التزاماً مالياً وقانونياً دقيقاً، وليست “طريقاً سهلاً” كما يُصوّر أحياناً في الإعلانات التجارية.
