الاقتصاد التركي
القضاء التركي يحسم الجدل: قواعد صارمة جديدة لتأجير المنازل
شهدت تركيا هذا الأسبوع تطورًا قانونيًا بارزًا في قطاع العقارات، بعد أن أصدرت المحكمة الإدارية العليا (Danıştay) حكمًا اعتُبر من أهم القرارات خلال السنوات الأخيرة، إذ أكدت أن تأجير المنازل بشكل يومي أو أسبوعي عبر المنصات الرقمية مثل Airbnb لا يُعد نشاطًا تجاريًا، طالما لم يترافق مع إدارة منظمة تشبه الفنادق أو الشقق الفندقية.
خلفية القرار
وجاء الحكم الذي أصدرته الدائرة الثالثة في المحكمة عقب سلسلة من الدعاوى الضريبية التي رفعها عدد من المُلّاك الأتراك ضد السلطات المالية، احتجاجًا على تصنيفهم كأصحاب نشاط تجاري يخضع لضريبة القيمة المضافة وضريبة الدخل التجاري.
وبعد مراجعة شاملة للملفات، خلصت المحكمة إلى أن مجرد تأجير شقة سكنية لفترات قصيرة لا يعني بالضرورة وجود كيان تجاري، ما لم يقدم المالك خدمات إضافية مثل التنظيف اليومي أو الوجبات أو الاستقبال أو إدارة تشغيلية كاملة.
أثر اقتصادي واسع
ويرى خبراء اقتصاديون أن القرار سيُحدث تأثيرًا كبيرًا في سوق العقارات التركية، لا سيما في المدن السياحية مثل إسطنبول، أنطاليا وطرابزون، حيث يشكل التأجير قصير الأجل مصدر دخل رئيسيًا للمستثمرين المحليين والأجانب.
ويتيح الحكم الجديد لهؤلاء الملاك إعادة تصنيف دخلهم كـ “دخل رأسمالي عقاري” (Gayrimenkul Sermaye İradı)، ما يعني خضوعهم لضريبة أقل مقارنة بالضرائب المفروضة على الأنشطة التجارية.
توضيح قانوني
وأشار خبراء قانونيون إلى أن القرار لا يلغي تمامًا تصنيف التأجير التجاري، بل يميز بين نوعين من الأنشطة:
التأجير العقاري البسيط: لا يتضمن خدمات إضافية، ويُعامل كدخل عقاري.
النشاط المنظم: يقدم خدمات شبيهة بالفنادق، ويُعد نشاطًا تجاريًا يخضع للضرائب الكاملة.
انعكاسات على المستثمرين الأجانب
من المتوقع أن يستفيد المستثمرون الأجانب المقيمون في تركيا بشكل خاص من القرار، بعد شكاوى متكررة حول الضرائب المرتفعة المفروضة على التأجير قصير الأجل، والتي قاربت في بعض الحالات نسب ضرائب الفنادق.
ويرى محللون أن الحكم الجديد سيخفف العبء الضريبي ويمنح دفعة قوية للسوق العقارية، ما قد ينعكس إيجابًا على الاستثمارات الداخلية والسياحة العقارية.
تساؤلات حول التطبيق
ورغم الترحيب الواسع، إلا أن بعض الخبراء القانونيين يشيرون إلى أن آلية تطبيق القرار لا تزال بحاجة لتوضيح، خاصة فيما يتعلق بمدى سريانه على الحالات السابقة، وكيفية تعامل مصلحة الضرائب مع الملفات القديمة التي سُجلت على أنها أنشطة تجارية.
خطوة نحو تحديث التشريعات
يتفق المراقبون على أن هذا القرار يمثل تحولًا نوعيًا في السياسة القانونية والضريبية التركية، ويؤكد سعي أنقرة إلى مواءمة تشريعاتها مع واقع الاقتصاد الرقمي، دون الإضرار بحقوق المواطنين أو تحميلهم أعباء لا تتناسب مع طبيعة نشاطهم.
ويُعد قرار Danıştay خطوة مهمة نحو تعزيز ثقة المستثمرين في البيئة القانونية التركية، وجعلها أكثر وضوحًا وعدالة وتوازنًا في التعامل مع أنشطة التأجير الحديثة عبر المنصات الرقمية.
