هل تتجه تركيا إلى تطبيق نظام العمل 4 أيام أسبوعيًا؟

تداولت وسائل إعلام ومنصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية أخبارًا تفيد بأن الحكومة التركية تعتزم تقليص أيام العمل الأسبوعية إلى 4 أيام فقط، وهو ما أثار جدلًا واسعًا بين المواطنين، خاصةً في ظل الاهتمام المتزايد حول العالم بتحسين التوازن بين الحياة المهنية والحياة الشخصية، وارتفاع الدعوات لاعتماد أنظمة عمل مرنة وأكثر إنسانية.

وفي خضم هذا الجدل، أصدر مركز مكافحة التضليل التابع لرئاسة دائرة الاتصال في الرئاسة التركية بيانًا رسميًا للرد على هذه المزاعم، مؤكدًا أن الأخبار المتداولة بشأن خفض عدد أيام العمل الأسبوعية إلى أربعة لا أساس لها من الصحة.

لا تغيير شامل في عدد أيام العمل

وأوضح المركز في بيانه أن البرنامج الاقتصادي متوسط المدى (OVP) الذي أعلنته الحكومة التركية مؤخرًا، لا يتضمن أي مادة أو بند رسمي يشير إلى تقليص عدد أيام العمل إلى 4 أيام في الأسبوع. وأضاف أن ما تم ذكره في الوثيقة الرسمية يتعلق فقط بإجراء “تجارب تجريبية محدودة” تتناول تعديلات مرنة على نظام العمل في بعض القطاعات، بهدف تعزيز الإنتاجية وتحسين التوازن بين الحياة الشخصية والعمل، وذلك ضمن رؤية أشمل تراعي التحولات في سوق العمل العالمي وتطورات التكنولوجيا.

وبذلك، يكون ما ورد في البرنامج لا يتعدى نطاق مشاريع تجريبية صغيرة النطاق قد تُطبّق في بعض المؤسسات أو القطاعات النموذجية، ولا يُمثّل سياسة عامة أو قرارًا حكوميًا نهائيًا يشمل جميع الموظفين في القطاعين العام والخاص.

ما هو نظام العمل الحالي في تركيا؟

وبحسب الأنظمة القانونية المعمول بها حاليًا في تركيا:

• الموظفون الحكوميون يعملون وفق نظام 40 ساعة أسبوعيًا، موزعة على خمسة أيام، من الإثنين إلى الجمعة، مع عطلة أسبوعية يومي السبت والأحد.
• أما في القطاع الخاص، فيحدد قانون العمل التركي سقف ساعات العمل بـ 45 ساعة أسبوعيًا، ويمكن توزيع هذه الساعات على 5 أو 6 أيام، وفق ما يتم الاتفاق عليه بين الموظف وصاحب العمل، مع مراعاة ساعات الراحة والإجازات القانونية.

الحكومة تدعو إلى الحذر من المعلومات المضللة

في ختام البيان، شددت الجهات الرسمية التركية على أهمية عدم الانسياق وراء الشائعات أو المعلومات غير الدقيقة المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، داعية المواطنين إلى الرجوع إلى المصادر الحكومية الموثوقة للحصول على المعلومات الدقيقة، خاصةً فيما يتعلق بالقضايا التي تمس سوق العمل وحقوق الموظفين.

كما أكدت أن أي تغييرات جذرية في نظم العمل ستُعلن عنها الحكومة بشكل رسمي وشفاف، عبر القنوات الرسمية، وبعد التشاور مع الجهات المعنية ومؤسسات المجتمع المدني، نظراً لحساسية وتأثير هذا النوع من القرارات على الاقتصاد والمجتمع.

هل تركيا مستعدة لتقليص أيام العمل في المستقبل؟

ورغم نفي الحكومة التركي الحالي، إلا أن بعض المراقبين يرون أن التجارب المحدودة المشار إليها في البرنامج الاقتصادي قد تمهّد لتوجهات مستقبلية نحو أنظمة عمل أكثر مرونة، خصوصًا في ظل التجارب الدولية الناجحة في عدد من الدول الأوروبية مثل ألمانيا، بلجيكا، وأيسلندا، حيث أثبتت بعض الدراسات أن تقليص عدد أيام العمل لا يؤثر سلبًا على الإنتاجية، بل قد يعززها في بعض الحالات.

إلا أن التطبيق الشامل لمثل هذه السياسات في تركيا، التي لا تزال تواجه تحديات اقتصادية متنوعة، قد يحتاج إلى مزيد من الوقت والدراسة الدقيقة.