ما حقيقة إرسال الإدارة السورية رسائل لإيران من أجل استعادة العلاقات؟

نفت مصادر دبلوماسية سورية التقارير التي تم تداولها في وسائل الإعلام العراقية، والتي أفادت بأن الإدارة السورية قد أرسلت دعوات إلى إيران لاستئناف العلاقات بين البلدين.

وأكدت المصادر لموقع “تلفزيون سوريا” أن دمشق لم تقم بأي اتصالات مباشرة مع طهران في هذا الصدد، مشيرة إلى أن الأمر اقتصر على مطالبة دمشق من المسؤولين الروس بالضغط على إيران لوقف محاولاتها زعزعة الاستقرار في سوريا. وذكرت المصادر أن هذا الطلب تم تضمينه في محادثات موسكو مع دمشق حول مستقبل العلاقة بين الطرفين، مع التأكيد على ضرورة تهدئة التوترات.

من جهة أخرى، أكدت مصادر سياسية عراقية أن بغداد تدرس استقبال وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، في الفترة المقبلة، وهو ما يعكس تحول العلاقات بين البلدين من مستوى الاتصالات الاستخبارية إلى العلاقات السياسية. في الوقت ذاته، تعمل القوى السياسية الحاكمة في العراق على تبرير الانفتاح على سوريا أمام قاعدتها الشعبية، حيث يروج الإعلام الموالي لفصائل الحشد الشعبي لفكرة أن دمشق تسعى لتصحيح علاقاتها مع طهران.

في هذا السياق، أطلق زعيم “عصائب أهل الحق”، قيس الخزعلي، تصريحات مفاجئة أكد فيها أن الأحداث الأخيرة في سوريا لم تكن “مشروعاً إرهابياً”، بل مجرد تغيير سياسي للوصول إلى السلطة باستخدام أدوات عسكرية، مشيراً إلى أن استهداف المقدسات لم يحدث كما كان الحال في عام 2013. وأضاف الخزعلي أن القيادة العسكرية السورية أرسلت، في بداية المعركة الأخيرة، رسائل إلى العراق تؤكد عدم المساس بالمراقد والمقدسات.

إيران، من جانبها، تسعى إلى استعادة نفوذها في سوريا بعد تراجع علاقاتها مع دمشق، وذلك لأسباب عدة أبرزها تعزيز قدرتها على تحقيق التوازن الإقليمي وعدم الاعتراف بالخسارة، خاصة في ظل التوترات مع الغرب. طهران تأمل في العودة إلى الموانئ السورية على البحر المتوسط لتحقيق أهداف اقتصادية، كما أن بعض الأطراف داخل الإدارة الإيرانية يعتقدون أن سوريا قد تفكر في استعادة علاقاتها تدريجياً مع طهران في المستقبل، خاصة في ظل استمرار العقوبات الغربية.

وفقاً للمصادر، فإن إيران قد طلبت من دولتين إقليميتين التوسط بين دمشق وطهران لتجاوز الجمود وإعادة بناء العلاقات تدريجياً، لكن المحاولات حتى الآن لم تسفر عن نتائج ملموسة. وفي هذا السياق، تحتفظ إيران بأوراق ضغط على دمشق، منها احتواء عدد من الضباط السوريين السابقين في الاستخبارات العسكرية والفرقة الرابعة، الذين يتواجدون في معسكرات تابعة للحرس الثوري على الحدود العراقية الإيرانية، حيث تُعتبر هذه القوات قادرة على تحريك خلايا تابعة للنظام السابق لشن عمليات تهدد الأمن والاستقرار.

رغم هذه الضغوط، فإن دمشق تتجنب استفزاز طهران وتحرص على تخفيف التوترات معها في هذه المرحلة الانتقالية، خشية أن تلجأ إيران إلى أدوار تخريبية تؤثر على الاستقرار في سوريا. ومع ذلك، من غير المرجح أن تشهد الفترة القريبة استعادة العلاقات الدبلوماسية بين دمشق وطهران، على الأقل حتى تتضح سياسة الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس بايدن تجاه المنطقة، خاصة ما يتعلق بإيران.