دولي
ما حجم التعاون العسكري بين تركيا وباكستان؟

في ظل تصاعد حدة التوترات بين الجارتين النوويتين، باكستان والهند، وبعد إعلان تركيا عن تضامنها الكامل مع إسلام آباد، تبرز بقوة مسألة حجم وعمق التعاون العسكري القائم بين أنقرة وإسلام آباد.
ففي الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء، أطلقت الهند عملية عسكرية واسعة النطاق ضد باكستان أُطلق عليها اسم “عملية السندور”. وشنّت القوات الهندية خلال هذه العملية سلسلة من الهجمات التي استهدفت تسعة مواقع حساسة داخل الجانب الباكستاني من إقليم كشمير ومناطق حدودية أخرى.
وجاءت هذه العملية العسكرية الهندية ردًا على مقتل 26 مدنيًا في هجوم استهدف منطقة سياحية في الجانب الهندي من إقليم كشمير في الثاني والعشرين من أبريل الماضي. وقد اتهمت نيودلهي إسلام آباد بالوقوف وراء هذا الهجوم، وهو ما نفته الحكومة الباكستانية بشدة.
وأعلن الجيش الباكستاني رسميًا أن القوات الهندية شنت هجمات صاروخية على أراضيه انطلاقًا من ثلاثة محاور مختلفة. وتأتي هذه التطورات العسكرية بعد يوم من إعلان الحكومة الباكستانية عن تلقيها معلومات استخباراتية مؤكدة تشير إلى استعداد الهند لشن عملية عسكرية وشيكة.
وفي خضم هذه التطورات المتسارعة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان اتصالًا هاتفيًا بنظيره الباكستاني، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية محمد إسحاق دار، حيث عبّر عن تضامن أنقرة الكامل ووقوفها إلى جانب باكستان في أعقاب القصف الهندي.
ويشير المراقبون إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تعزيزًا ملحوظًا للتعاون الدفاعي بين تركيا وباكستان على مختلف الأصعدة، لا سيما في مجالات القوات الجوية والبحرية وتكنولوجيا الطائرات المُسيّرة.
المُسيّرات التركية في الخدمة الباكستانية:
أفاد موقع EurAsian Times بأن باكستان قامت بالفعل بشراء أعداد كبيرة من طائرات “بيرقدار TB2” و “أكينجي” المُسيّرة من تركيا. وقد تسلّمت إسلام آباد الدفعة الأولى من طائرات “أكينجي” المتطورة في عام 2023، وتستخدمها حاليًا في عمليات الأمن الداخلي وتنفيذ مهام عبر الحدود، خاصة في المناطق المتاخمة لأفغانستان.
وتتطلع تركيا وباكستان أيضًا إلى آفاق أوسع للتعاون في مجال الصناعات الجوية، حيث يجري بحث إمكانية تصدير تركيا لمقاتلات الجيل الخامس “كان” إلى باكستان، بالإضافة إلى إمكانية الإنتاج المشترك لهذه الطائرات مستقبلًا.
وفي سياق متصل، حصلت باكستان على صواريخ كروز متطورة من طراز “كمانكيش” من شركة بايكار التركية (وهي صواريخ مُدعمة بتقنيات الذكاء الاصطناعي وقادرة على التكامل مع مُسيّرات “بيرقدار TB2” و “أكينجي”).
تحديث مقاتلات F-16 والتعاون الصاروخي:
تولت تركيا مسؤولية تحديث أسطول القوات الجوية الباكستانية من مقاتلات “إف-16″، والذي يضم 41 طائرة. وقد جرت آخر عمليات التسليم ضمن هذا البرنامج في عام 2014.
وعلى صعيد التعاون في مجال الصواريخ، حصلت باكستان على صواريخ مضادة للدبابات من إنتاج شركة روكستان التركية. ويناقش الطرفان حاليًا إمكانية الإنتاج المشترك لأنواع أخرى من الصواريخ المضادة للدبابات.
وفي مجال تطوير صواريخ جو-جو، يتبادل البلدان الخبرات والتكنولوجيا في إطار مشروعي “جوكدوغان” و “2- فاز”.
تعاون بحري استراتيجي:
في المجال البحري، قامت تركيا بتزويد باكستان بأربع سفن كورفيت حديثة من طراز “ميلجم”، وقد تم تسليم آخر هذه السفن في عام 2023، مما يعزز القدرات البحرية الباكستانية بشكل كبير.
كما تولت تركيا عملية تحديث شاملة لغواصات “Agosta 90B” التابعة للبحرية الباكستانية، والتي شملت تطوير أنظمة الرادار والسونار وأنظمة القيادة والتحكم وغيرها من الأنظمة الحيوية.
بالإضافة إلى ذلك، تم تصنيع ناقلة الأسطول “PNS Moawin”، التي صممتها شركة STM التركية، في باكستان وتم إلحاقها رسميًا بالقوات البحرية الباكستانية، مما يمثل علامة فارقة أخرى في التعاون الدفاعي البحري بين البلدين.
يُشير هذا التعاون العسكري المتنامي بين تركيا وباكستان إلى تحالف استراتيجي متين يزداد رسوخًا في ظل التحديات الإقليمية والدولية المتصاعدة. ومع تصاعد التوترات الأخيرة بين باكستان والهند، من المرجح أن يكتسب هذا التعاون الدفاعي أهمية استراتيجية أكبر في تحديد مسار الأحداث في المنطقة.