Connect with us

عربي

لماذا أراد صدام حسين قتل حافظ الأسد؟

Published

on

لماذا أراد صدام حسين قتل حافظ الأسد؟

في أواخر ستينيات القرن الماضي، طرح الرئيس المصري جمال عبد الناصر سؤالًا على مقربيه بدهشة: لماذا فشل البعثيون في تحقيق الوحدة عندما حكموا بغداد ودمشق؟ كان هذا السؤال جوهريًا، حيث يختصر العلاقة المعقدة بين سوريا والعراق. فقد حكم حزب البعث العربي الاشتراكي كلا البلدين، وكان هناك تطلعات قومية اشتراكية مشتركة، لكن على الصعيد السياسي، كانت العلاقة بين بغداد ودمشق تتسم بالصراع.

ومن الغريب أن كلا من صدام حسين وحافظ الأسد جاءا إلى السلطة من بيئات ريفية هامشية بعيدة عن العواصم، ورغم ذلك، تمكنا من الوصول إلى الرئاسة عبر انقلابات عسكرية دموية تخللتها تصفيات قاسية للخصوم. ربما كانت هذه الطبيعة السلطوية والمركزية في الحكم هي ما جعل الصراع بين الرجلين شديدًا على مدى عقدين من الزمن. إضافة إلى ذلك، لعبت الخلفيات الدينية دورًا في تعميق الخلافات؛ فصدام كان سنيًا بعثيًا، بينما حافظ الأسد كان علويًا بعثيًا، وهذه الخلفية الدينية كان لها تأثير كبير في سلوك “الإخوة الأعداء”.

 

صراع البعثينِ

كان كلٌّ من العراق وسوريا تحت حكم فصائل بعثية متصارعة، فقد اعتنق العديد من المدنيين والعسكريين في البلدين أفكار حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أنشأه ميشيل عفلق وصلاح البيطار منذ أواخر أربعينيات القرن العشرين، ورأوا في أفكاره أملهم للغد.

ورغم نجاح انقلاب البعث السوري عام 1963 ووصوله إلى سُدّة الحكم، وفي العراق عام 1968، فإن انقلاب البعث السوري الثاني بقيادة العلويين وعلى رأسهم حافظ الأسد، ومطاردتهم لرفاقهم القدامى، بل ومنهم مؤسسو الحزب نفسه وعلى رأسهم ميشيل عفلق، جعل الصراع بين بعث سوريا وبعث العراق يشتد ويشتعل.

ورغم محاولات المصالحة بين البعثينِ الحاكمين للعراق وسوريا في عامَيْ 1969 و1972، ودعم العراق لسوريا ضد إسرائيل خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، فإن العلاقات الثنائية تدهورت مجددا منذ عام 1975 بسبب انعدام الثقة بين الجانبين.

ولكن بعد اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، رأى حافظ الأسد أن التقارب مع العراق هو الملجأ الوحيد له لإعادة التوازن الإستراتيجي في المنطقة، وفي خلال زيارة دولة قام بها إلى بغداد في أكتوبر/تشرين الأول 1978، وقّع الرئيس السوري حافظ الأسد والرئيس العراقي أحمد حسن البكر بشكل مفاجئ على “ميثاق العمل الوطني المشترك”، الذي شمل بشكل رئيسي أهداف التعاون والتكامل الاقتصادي والعسكري بين البلدين.

كان البكر ينقم على رفيقه ونائبه صدام حسين، ويبحث عن وسيلة للتخلص منه، فلم يجد إلا مشروع الوحدة مع سوريا، ومع هذا المشروع كان ستُرفَع متطلبات جواز السفر والتأشيرات بين الدولتين، وتُفتح الحدود التي كانت مغلقة منذ سنوات، وفي 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1978، أعلن الطرفان أنه ستُتخد إجراءات فورية نحو التوحيد الكامل بين البلدين الشقيقين.

ولكن رغم الأهمية الكبرى للتعاون العسكري بالنسبة لسوريا، فقد فشلت اللجنة الفرعية المعنية في البداية بسبب الاختلافات وانعدام الثقة المتبادل، إذ لم تكن سوريا راغبة في أن تتمركز القوات العراقية دائما على أراضيها، ولم تكن مستعدة لحل كتائب النخبة التي كانت مخصصة لحماية نظام البعث السوري، كما اختلفت وجهات النظر بشأن شكل الوحدة المنشودة؛ حيث فضَّلت سوريا تحالفا أو كونفدرالية فضفاضة، بينما دفع العراق نحو اتحاد أو تكامل كامل بين البلدين.

وفي 15 يناير/كانون الثاني 1979، وافقت سوريا والعراق رسميا على تأسيس اتحاد مشترك، وكان من المقرر أن يكون لهذا الاتحاد اسم علم مشترك، ورئيس مشترك أو مجلس رئاسي، وحكومة اتحادية مشتركة. كما اتُّفِق على أن يتناوب العراقيون والسوريون على منصب الرئيس، حيث تولى البكر منصب الرئيس في البداية، بينما تولى الأسد منصب قائد الحزب في القُطرين ونائب الرئيس.

وكانت الحكومة الفيدرالية ستتولى مسؤولية السياسة الخارجية، والدفاع، والثقافة المشتركة، وكان من المتوقع أن يتكوّن الجيش المشترك للدولتين من 380,000 جندي، و4300 دبابة، و730 مقاتلة، ومع ذلك، ظهرت خلافات بشأن توجهات السياسة الخارجية لهذا الجيش، حيث سعت سوريا لتحقيق توازن عسكري مع إسرائيل ومصر، بينما كان يطمح العراق لرد الثورة الإيرانية وزيادة نفوذها في الخليج العربي.

كان أحمد حسن البكر قد وافق على رئاسة حافظ الأسد للاتحاد الجديد، ويبدو أن هذا السبب هو الذي سرّع من الانقلاب الأبيض الذي قام به نائبه صدام حسين الذي كان يسيطر عمليا على الجيش وقتها، حيث ضغط على البكر لتقديم استقالته بحجة كبر سِنّه في يوليو/تموز 1979.

عشرون عاما من الصراع

ورغم ذلك، في البداية تمسّك صدام حسين بفكرة التكامل التدريجي، ولكن في 28 يوليو/تموز، كشف عن مؤامرة مزعومة للإطاحة بالحكومة العراقية، متهما “قوة أجنبية” بالتورط، ورغم أن سوريا لم تكن متهمة مباشرة، فإن عملية التطهير داخل حزب البعث العراقي أسفرت عن إعدام العديد من الأعضاء الداعمين للوحدة مع سوريا.

لقد رأى صدام حسين وحافظ الأسد أن كلًّا منهما الأحق بالزعامة في الوطن العربي، ولم يكن يقبل أحدهما أن يكون الآخر زعيما عليه، ولهذا السبب خرج صدام حسين في خطاب تلفزيوني يقول: “هل مسموح لصدام حسين وحافظ الأسد التنازل عن الرئاسة أمام الشعبين العراقي والسوري، ويجرون انتخابات ديمقراطية لمَن هو مرشّح بإشراف ممثلين عن العرب ككل، ومن يمثل صدام حسين وحافظ الأسد، يفرزون صناديق الاقتراع ككل، هذا أكثر ديمقراطية”.

وبسبب الاختلاف دخل العراق وسوريا في مشكلات أخرى فوق الانشقاقات الحزبية، والمنافسة السياسية الجغرافية، فقد وقع الشجار بين الرجلين على مسائل اقتصادية، وحصص كلٍّ منهما في مياه الفرات، وحول أنابيب النفط التي كان كل واحد منها يمر عبر الأراضي السورية ويسيطر عليه الأسد، الأمر الذي أثار حفيظة صدام، وكان العراق قد بنى أنبوبا آخر عبر تركيا مما أثار غضب الأسد.

هذا التنافر الشخصي والفكري والطائفي بين الرجلين جعل كلًّا منهما عدوا للآخر، ومتوجِّسا منه، حتى قرر حافظ الأسد دعم إيران في أثناء الحرب الإيرانية العراقية بين عامي 1980-1988، وهو الأمر الذي يرصده باتريك سيل في كتابه “الأسد، الصراع على الشرق الأوسط”، ويعدّه الشيء الأكثر جرأة في سياسة الأسد الخارجية، فقد أدى وقوفه مع الثورة الإيرانية إلى إنشاء محور شيعي يمتد من طهران عبر دمشق إلى جنوب لبنان.

وكان الأغرب الذي يرصده سيل أيضا أن حافظ الأسد اعتبر مصادقة الخميني من مقتضيات المصلحة العربية العليا، بل حتى قبل قيام الثورة الإيرانية مدّ حافظ الأسد يد المساعدة إلى بعض مساعدي الخميني، مثل إبراهيم يزدي ومصطفى شمران وصادق قطب زاده، الذين قُدِّر لهم لاحقا أن يعملوا وزراء في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فقد أعطى لكلٍّ منهم جوازَ سفرٍ سوريًّا مَكَّنهم من القيام بنشاطهم بحرية ضد نظام الشاه.

وقد اعتبر صدام حسين مصادقة وتحالف الأسد ودعمه الكبير للخميني والثورة الإيرانية إعلانا للعداء بين سوريا والعراق، وحين انطلقت الحرب العراقية الإيرانية في سبتمبر/أيلول 1980، شجب الأسد حرب صدام واعتبرها خاطئة، بل وحماقة ستؤدي إلى تمزق العرب أمام إسرائيل، ولكن وفقا لبتريك سيل فإن “الهم الذي كان يُقلق الأسد في السر هو أن يحصل العراق على نصر سريع، فهذه نتيجة ستكون وخيمة وَبيلة”.

فيسبوك

Advertisement
احذر قبل فوات الأوان! رخصة القيادة في تركيا على وشك أن تُكلفك ثروة
مقالات وتقارير38 دقيقة ago

احذر قبل فوات الأوان! رخصة القيادة في تركيا على وشك أن تُكلفك ثروة

ارتفاع أسعار الخبز في العاصمة أنقرة بنسبة 20%
الاقتصاد التركي44 دقيقة ago

ارتفاع أسعار الخبز في العاصمة أنقرة بنسبة 20%

كم ستعيش في تركيا ..معهد الإحصاء يكشف عن متوسط العمر المتوقع
مقالات وتقارير3 ساعات ago

كم ستعيش في تركيا ..معهد الإحصاء يكشف عن متوسط العمر المتوقع

مباراة أرسنال وتوتنهام هوتسبر الآن مباشر لحظة بلحظة
الرياضية اليوم4 ساعات ago

مباراة أرسنال وتوتنهام هوتسبر الآن مباشر لحظة بلحظة

مباراة برشلونة ضد سيئوول الآن مباشرة بدون تقطيع
الرياضية اليوم4 ساعات ago

مباراة برشلونة ضد سيئوول الآن مباشرة بدون تقطيع

الرابط الإغاثي الموحد للتسجيل في المساعدات المالية والغذائية للأسر في قطاع غزة
منوعات5 ساعات ago

الرابط الإغاثي الموحد للتسجيل في المساعدات المالية والغذائية للأسر في قطاع غزة

رابط التسجيل في مشروع فرص التدريب مدفوعة الأجر لمدة 4 شهور بقيمة 500 يورو شهريًا بالشراكة مع منظمة إنقاذ الطفل الدولية
منوعات5 ساعات ago

رابط التسجيل في مشروع فرص التدريب مدفوعة الأجر لمدة 4 شهور بقيمة 500 يورو شهريًا بالشراكة مع منظمة إنقاذ الطفل الدولية

اسعار الذهب عيار ٢٢و٢١ في تركيا اليوم
الاقتصاد التركي6 ساعات ago

تراجع ملحوظ يضرب أسعار الذهب في تركيا اليوم الخميس 31 يوليو 2025

تنويه مهم: بخصوص الرابط المتداول الذي يحمل اسم "مركز المساعدات المركزية"
منوعات6 ساعات ago

تنويه مهم: بخصوص الرابط المتداول الذي يحمل اسم “مركز المساعدات المركزية”

وزارة الزراعة التركية تُعلن عن تغييرات جذرية في بيع وتعبئة البيض
الاقتصاد التركي6 ساعات ago

وزارة الزراعة التركية تُعلن عن تغييرات جذرية في بيع وتعبئة البيض

آخر فرصة لـ ٢.٥ مليون مواطن في تركيا! السعر الحالي ١٥ ليرة، بعد يومين سيصل ٧٤٣٨ ليرة
منوعاتيومين ago

آخر فرصة لـ ٢.٥ مليون مواطن في تركيا! السعر الحالي ١٥ ليرة، بعد يومين سيصل ٧٤٣٨ ليرة

إضراب في 500 مؤسسة عامة ورسالة عاجلة من اتحاد العمال التركي للرئيس أردوغان
اخر الاخباريوم واحد ago

إضراب في 500 مؤسسة عامة ورسالة عاجلة من اتحاد العمال التركي للرئيس أردوغان

إعفاء تام من الرسوم الجمركية! امتياز من تركيا لدولة عربية
الاقتصاد التركييوم واحد ago

إعفاء تام من الرسوم الجمركية! امتياز من تركيا لدولة عربية

وزارة الصحة التركية تدق ناقوس الخطر: لا تسمحوا بدخول هذا المنتج لمنازلكم!
الاقتصاد التركي23 ساعة ago

وزارة الصحة التركية تدق ناقوس الخطر: لا تسمحوا بدخول هذا المنتج لمنازلكم!

قرار يهم ملايين المواطنين في تركيا! قدمت الحكومة اقتراحًا جديدًا برفع الحد الأدنى للأجور
الاقتصاد التركييومين ago

قرار يهم ملايين المواطنين في تركيا! قدمت الحكومة اقتراحًا جديدًا برفع الحد الأدنى للأجور

الذهب بأياديهم.. الحرفيون الأتراك ينتقلون من الظل إلى العالمية، حجز مسبق وسكرتاريا
الاقتصاد التركييوم واحد ago

الذهب بأياديهم.. الحرفيون الأتراك ينتقلون من الظل إلى العالمية، حجز مسبق وسكرتاريا

تراجع صادم في أرباح ستاربكس.. ماذا يحدث لعملاق القهوة؟
الاقتصاد التركييوم واحد ago

تراجع صادم في أرباح ستاربكس.. ماذا يحدث لعملاق القهوة؟

اسعار السجائر تركيا
الاقتصاد التركييوم واحد ago

موجة جديدة من زيادات أسعار السجائر في تركيا

تحذير من خبراء الضرائب في تركيا: خطأ بسيط في الفاتورة الإلكترونية قد يكلفك غرامات باهظة
الاقتصاد التركييوم واحد ago

تحذير من خبراء الضرائب في تركيا: خطأ بسيط في الفاتورة الإلكترونية قد يكلفك غرامات باهظة

كاميرات توثق الكارثة: قنابل مولوتوف تشعل النيران في قلب إسطنبول!
تركيا الآنيومين ago

كاميرات توثق الكارثة: قنابل مولوتوف تشعل النيران في قلب إسطنبول!