حديث من ابلغ عبادي بشهر رمضان

صحة حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان هي من أهم المسائل الفقهية الإسلامية التي يجب على كل مسلم أن يكون علم بها ودراية تامة بها لكي لا ينشر عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلّم- ما لا يصح عنه، وفي هذا المقال من موقع مقالاتي سوف نقدم معلومات مفصلة عن حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان بالإضافة إلى ذكر مجموعة من الأحاديث المنتشرة التي لا تصح عن رمضان، وسنضع الأحاديث الصحيحة التي تتحدث عن فضل رمضان في الإسلام.

نص حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان

تنتشر الكثير من الأحاديث التي تتحدث عن شهر رمضان المبارك مع اقتراب بداية هذا الشهر الكريم، ومن هذه الأحاديث حديث من بلّغ عبادي بشهر رمضان، ونص هذا الحديث كما ورد: “من بلغ الناس بشهر رمضان حرمه على النار”، والمقصود منه هو أنّ من يبلغ الناس بموعد شهر رمضان المبارك حرّم الله تعال جسده عن النار، ولكنّ ما مدى صحة هذا الحديث الذي يُعدُّ من أكثر الأحاديث النبوية انتشارًا في الفترة التي تسبق شهر رمضان المبارك، هذا ما سوف نلقي عليه الضوء فيما يأتي.

 

صحة حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان

إنَّ حديث “من بلغ الناس بشهر رمضان حرمه على النار” هو حديث لا صحة له أبدًا ولم يرد في أي كتاب من كتب الأحاديث النبوية الشريفة التي كتبها وصنفها علماء المسلمين عبر العصور، كما أنّه لم يرد في الأحاديث الضعيفة ولا في الأحاديث الموضوعة، فهو لا أساس له من الصحة أبدًا، وقد ذكر الإمام السيوطي في كتاب تدريب الراوي في حديثه عن حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان: “وقال ابن الجوزي: ما أحسن قول القائل: إذا رأيت الحديث يباين المعقول أو يخالف المنقول أو يناقض الأصول فاعلم أنه موضوع، قال: ومعنى مناقضته للأصول: أن يكون خارجًا عن دواوين الإسلام من المسانيد والكتب المشهورة”، والله تعالى أعلم. [1]

صيغ حديث من بلغ الناس بشهر رمضان

لقد ورد حديث من بلغ الناس بشهر رمضان بالعديد من الصيغ، وكلها مكذوبة لم ترد في أي كتاب من كُتب السنة النبوية، ومن هذه الصيغ ما سيأتي:

الصيغة الأولى: إذا بلغت النـاس بشهـر رمضـان حرمت عليك النار.
الصيغة الثانية: من أخبر النـاس بشهـر رمضـان دخـل الجنة.
الصيغة الثالثة: من بشر النـاس بشهـر رمضـان دخـل الجنة.
الصيغة الرابعة: من بشّر الناس بموعد رمضـان دخـل الجنة.
الصيغة الخامسة: من بشّر النـاس برمضـان دخل الجنة.
هل يجوز العمل حديث من بلغ عبادي بشهر رمضان

أجمع أهل العلم على أنّه لا يجوز للمسلم أن يعمل بأي حديث لا أصل له في السنة النبوية الشريفة، ولا يجوز له أن يقوم بنشر هذا الحديث بين المسلمين، لأن في نشره إثم عظيم، فعن المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه- أنّه قال: “سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ كَذِبًا عَلَيَّ ليسَ كَكَذِبٍ علَى أَحَدٍ، مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن نِيحَ عليه يُعَذَّبُ بما نِيحَ عليه” [2] فمن الواجب على المسلم أن يعرف حكم هذا الحديث وألّا يساهم في نشره وأن يكون معلمًا للمسلمين أجمعين بأنّ هذا الحديث لا أصل له ومكذوب على لسان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.

أحاديث منتشرة لا تصح عن شهر رمضان

توجد الكثير من الأحاديث المنتشرة التي لا تصح عن شهر رمضان المبارك، ومن هذه الأحاديث هي الأحاديث الآتية:

الحديث الأول: “أتاكم رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه، فينزل الرحمة، ويحطُّ الخطايا ويستجيب فيه الدُّعاء، وينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرًا، فإنَّ الشَّقي من حرم فيه رحمة الله عزَّ وجلَّ”.
الحديث الثاني: “ألا أخبركم بأفضل الملائكة، جبريل عليه السَّلام، وأفضل النَّبيِّين آدم، وأفضل الأيام يوم الجمعة، وأفضل الشُّهور شهر رمضان، وأفضل اللَّيالي ليلة القدر، و أفضل النِّساء مريم بنت عمران”.
الحديث الثالث: “إنَّ شهر رمضان شهر أمَّتي؛ يمرض مريضهم فيعودونه، فإذا صام مسلم لم يكذب، ولم يغتب، وفطره طيب، سعى إلى العتمات محافظًا على فرائضه؛ خرج من ذنوبه كما تخرج الحية من سلخها”.
الحديث الرابع: “فضل شهر رجب على الشُّهور، كفضل القرآن على سائر الكلام، وفضل شهر شعبان على الشُّهور، كفضلي على سائر الأنبياء، وفضل شهر رمضان كفضل الله على سائر العباد”.

أحاديث صحيحة عن فضل شهر رمضان

وردت في السنة النبوية الشريفة الكثير من الأحاديث النبوية الصحيحة التي تناولت التعريف بفضل شهر رمضان المبارك، ومن هذه الأحاديث:

جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “إذا جاءَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبْوابُ الجَنَّةِ، وغُلِّقَتْ أبْوابُ النَّارِ، وصُفِّدَتِ الشَّياطِينُ” [3]
ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أيضًا أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “مَن صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ” [4]
عن سهل بن سعد الساعدي -رضي اله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ منه الصَّائِمُونَ يَومَ القِيَامَةِ، لا يَدْخُلُ معهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ منه، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ منه أَحَدٌ” [5]
صحة حديث من يسبق بإخبار غيره ببداية رمضان
إنَّ حديث من يسبق بإخبار غيره ببداية شهر رمضان هو أيضًا حديث لا أصل له ولا وجود في أي كتاب من كُتب السنة النبوية الشريفة الصحيحة والحسنة والضعيفة والموضوعة عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم، وهو حديث مكذوب على لسان الحبيب المصطفى صلَّى الله عليه وسلّم، لذا فإنّه لا يجوز للمسلم أن يساهم في نشر هذا الحديث ولا يجوز له أن يؤمن به ولا يجوز أن يعمل بمقتضاه أبدًا، ومن الواجب على كل مسلم التنبيه على أنّ هذا الحديث غير صحيح، والله تعالى أعلم.

حكم نشر الأحاديث المكذوبة

إنَّ نشر الأحاديث المكذوبة على لسان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلّم- لا يجوز في الإسلام بشكل قطعي، بل يجب على المسلم أن يبين للمسلمين بطلان هذه الأحاديث وعليه أن يكذبها ويوضّح للناس أنّ لا أصل لهذه الأحاديث في السنة النبوية الشريفة، واستدلّ أهل العلم في تحريم نشر الأحاديث المكذوبة بحديث صحيح ورد عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يتوعّد فيه من نشر الأحاديث المكذوبة عنه بالنار، قال عليه الصلاة والسلام: “إنَّ كَذِبًا عَلَيَّ ليسَ كَكَذِبٍ علَى أَحَدٍ، مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ. سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن نِيحَ عليه يُعَذَّبُ بما نِيحَ عليه” [2] والله تعالى أعلم. [6]