Connect with us

أخبار السوريين في تركيا

“كأننا في البلد”.. سوريون يستنسخون حاراتهم في قلب إسطنبول النابض

Published

on

بزيه الشامي القديم المؤلف من “شروال وقطعة قماش مزركشة تلف في الوسط وطربوش” يجوب الشاب السوري محمد ديب أبو قوره الملقب بـ”أبو الخير” شوارع وحارات حي الفاتح وسط إسطنبول التركية في كل يوم. يحمل “دولة القهوة المرة” وينطلق مما باتت تعرف بحارات “طلعة الأمنيات” وصولا إلى “سوق مالطة”.
 
“أبو الخير” الذي يبلغ من العمر 24 عاما كان قد وصل إلى إسطنبول منذ ستة أعوام، واختار حي الفاتح للعيش وللعمل في آن واحد، حيث يرى فيه “دمشق المصغرة” بشوارعها وحاراتها وحتى بالناس الذين يعيشون فيها.
 
“لا غربة هنا وكأننا في البلد تحت” يقول أبو الخير الذي يحب أن ينادى بهذا اللقب، ويقول إن قصته الأولى في الحي التركي القديم بدأت بعربة صغيرة لبيع “المشبك” (إحدى أصناف الحلويات)، ومن ثم انتقل لبيع عصير “التمر هندي”، لكن ذلك لم يدم طويلا، بعد منعه من البيع من قبل “بلدية الفاتح”.

من “التمر هندي” إلى بيع “القهوة المرّة” تجوالا استقر هذا الحال على الشاب السوري وما يزال يلازمه منذ عامين وحتى الآن.

يحمل "دولة القهوة المرة" وينطلق مما باتت تعرف بـحارات "طلعة الأمنيات"

 
ويضيف لموقع “الحرة”: “هذه المصلحة تسد لي مصروف الإيجارات والعيش. حي الفاتح بالنسبة لي رزقة قد لا ألقاها في باقي الأحياء بإسطنبول. هنا السوريون بكثافة وهناك عرب من عراقيين ولبنانيين وسياح خليجيين. الجميع يتحدث بالعربية ولا داعي للغة التركية”.

قبل 2015 وما بعده

قبل عام 2015 كان حي الفاتح الأثري والقديم الذي يتوسط مدينة إسطنبول بقسمها الأوروبي “تركي بامتياز” بتفاصيل محاله التجارية وأسواقه التي تعتبر وجهة يرتادها السياح الأجانب والعرب.

إقرأ المزيد : ما هو دور اللاجئين السوريين في زيادة الإنتاج والتصدير بتركيا
 
في تلك الفترة الزمنية قلما كان هناك مطعم عربي أو سوري بالخصوص، ومن النادر أن تلقى خمسة سوريين برفقة بعضهم البعض يتجولون ذهابا وإيابا، سواء في الشوارع أو الحارات الضيقة المتفرعة حتى شارعي “أكدنيز” و”يوسف باشا” المحاذيين له.
 
اختلف حال هذا الحي بعد العام المذكور، بالتزامن مع توافد آلاف ومئات آلاف السوريين إلى الولايات التركية.
 
وبينما استقر البعض منهم في المدن الحدودية، اختار القسم الأكبر منهم العيش في إسطنبول الأوروبية، رغم صعوبة الحياة فيها، وكانت منطقة الفاتح الوجهة الأولى والأبرز.

بينما استقر البعض منهم في المدن الحدودية، اختار القسم الأكبر منهم العيش إسطنبول الأوروبية
بينما استقر البعض منهم في المدن الحدودية، اختار القسم الأكبر منهم العيش إسطنبول الأوروبية

 
تشكّل بلدية الفاتح العمق التاريخي لمدينة إسطنبول وقلبها التاريخي، حيث تقع داخل أسوار المدينة التاريخية، ويحيط بها من الشمال منطقة “الخليج” ومن الشرق والجنوب بحر مرمرة.

إقرأ المزيد : أعداد السوريين في تركيا إلى تراجع
 
ومنذ عام 2015 باتت أقرب إلى “عاصمة رئيسية” للاجئين السوريين، والذين اتجهوا وبعد اختيارها كمقصد أول إلى افتتاح عشرات المهن، من مطاعم ومحال لبيع المواد الغذائية والحلويات، فضلا عن محال للحلاقة وأخرى لبيع المواد التي لا توفرها الأسواق التركية.

“ينطق بالعربية”

على بعد خطوات قليلة من جامع الفاتح الذي سمي الحي باسمه يقع مطعم “فاتح الخير” الذي يقدم الوجبات السورية بأصنافها، وإلى جانبه تجري ترتيبات أولية ومتسارعة لفتح مطعم “سلسلة طربوش” التي تعود إلى مالكٍ سوري أيضا.

 تحولت "الدونر التركية" إلى "الشاورما السورية"

 
في الطرف المقابل وعلى حائط سور جامع الفاتح يقع محل تجاري لبيع “النابلسية السورية”، وبجواره افتتح تاجر سوري ومنذ أكثر من خمسة أعوام مركز لبيع الذهب والمجوهرات ذات الصياغة والصناعة السورية، ويحمل اسم “طيبة”.
 
هذه الصورة الأشبه بما كانت عليه أسواق دمشق وحلب، لا تقتصر على مركز منطقة الفاتح المتمثلة بسوق مالطة، بل تنسحب إلى خطوات أبعد بقليل، وصولا إلى “طلعة الأمنيات ونزلتها”، والتي تكاد تنقطع فيها الكلمات والأحاديث التركية، على حساب اللغة العربية، وبشكل أدق اللغة التي يتحدث بها السوريون.

حي الفاتح هو المنطقة الأولى التي أسس فيها السوريون أعمالهم

 
في المنطقة المذكورة تحولت “الدونر التركية” إلى “الشاورما السورية”، وأيضا “الكورو فاصولييي” إلى الفلافل والفول والحمص وتوابعها.
 
مطعم “بوز الجدي” الذي يعرفه أهالي دمشق جيدا بات ينادي على زبائنه من وسط إسطنبول.
 
ومن باب المفارقة والخصوصية الفريدة التي باتت تعرف بها منطقة “حي الفاتح” تعلو يافطات لأسماء أخرى كـ”فلافل على كيفك”، “مطعم بلودان”، “حلويات نور الدين”، “غذائيات شام والحجازي”، وأخرى لمحال تصريف العملة وبيع الأجهزة الالكترونية والملابس.

“تجمع شامي كبير”

معاذ شاب سوري يلقب بـ”أبو العز” يعيش في حي الفاتح منذ أكثر من خمسة أعوام، ويعمل حاليا في مطعم “بوز الجدي”، يقول: “الفاتح بنص المدينة. فيها تجمع شامي كبير، وهي أقرب للشام من إسطنبول”.

عدد السوريين في الحي يتجاوز 150 ألفا

 
يضيف “أبو العز” في تصريحات لموقع “الحرة”: “طول ما الشغل ماشي هون بشارع الفاتح ما في رجعة. نحنا بمنطقة حلوة وراقية مع أنها غالية بالإيجارات والعيش. مع ذلك كل شيء متوفر”.
 
يوضح الشاب السوري أن حي الفاتح هو المنطقة الأولى التي أسس فيها السوريون أعمالهم ونشاطاتهم التجارية منذ الوصول الأول.

إقرأ المزيد : إدارة الهجرة تتعهد بتنظيم وضع السوريين القانوني والإنساني في تركيا 


ويشير إلى أن الآلاف منهم، والذين يعيشون في مناطق أخرى بإسطنبول كباشاك شهير وزيتون بورنو وغيرها صاروا ملزمين بالتردد على الفاتح بين اليوم والآخر لشراء احتياجاتهم، والتي قلما يجدونها في مناطق بعيدة عنه.
 
ولمطعم “بوز الجدي” ديكورات خاصة مستنسخة عن شوارع وحارات دمشق، فعلى جدرانه تعلو لوحات سميت بأسماء شوارع العاصمة كـ”شارع عبد الرحمن الداخل”، “منطقة البرامكة”، “حي القنوات”، “موقف الفيجة”.

الصورة العامة لمنطقة الفاتح التركية قد تغيرت بعد 2015،

 
المرتاد للمطعم المذكور ستحرك مسامعه أغاني لمسلسل “باب الحارة”، وأخرى تعود لحقبة دمشقية قديمة.

“التأسيس يصعّب العودة”

على اعتبار أن الصورة العامة لمنطقة الفاتح التركية قد تغيرت بعد 2015، إلا أن هذا التغير تحسسه السوريون أيضا، لكن بمسار مختلف، فالإيجارات لم تعد كما في السابق، سواء للمحال التجارية أو للمنازل.
 
فمثلا وقبل خمسة أعوام كان المنزل المؤلف من غرفتين وصالة يعادل ثمن إيجاره 1200 ليرة تركية، أما الآن فيصعب تحصليه بأقل من 2500 ليرة تركية، وهو الأمر الذي ينطبق على المحال التجارية أيضا، والتي بات لتحصيلها والاستحواذ على إيجارها “عرف خاص” داخل المجتمع السوري.
 
علي شاب سوري من مدينة عربين في الغوطة الشرقية يعمل في محل لبيع العطورات وسط “طلعة الأمنيات”، يقول: “الحصول على محل للإيجار بات من الصعب في الوقت الحالي. لتحقيق ذلك يجب البحث عن أصحاب الفروع والكمسيون”.
 
لم يكن “عرف الفروغ” معروفا من قبل في تركيا، حيث تخضع عقود الإيجار إلى القانون التركي الذي يلزم المستأجر عند نهاية مدة العقد بإخلاء المأجور وتسليمه بريء الذمة إلى المؤجر.
 
ويضيف علي في تصريحات لموقع “الحرة”: “العرف يلزم السوري الراغب باستئجار مجل تجاري على دفع بدل نقدي كبير للشخص الذي ينوي التأجير، وذلك بعيدا عن أي متطلبات أخرى قد تفرض بعد هذه العملية”.
 
يشير الشاب السوري صاحب محل “المصري للعطورات” إلى أن أكثر من 100 ألف سائح يرتاد منطقة الفاتح بشكل يومي، ويتابع: “على الرغم من غلاء الإيجارات إلا أننا ملزمين في العمل داخل هذا الحي لكسب الرزق”.
 
ويوضح أن الكثير من زبائنه الذين كانوا يرتادون محله التجاري في العاصمة دمشق قبل سنوات كثيرة باتوا يترددون عليه الآن في إسطنبول التركية، وخاصة العراقيين.
 
زاد الشاب السوري: “من أسس لتجارته هنا قبل سبع سنوات من الصعب عليه العودة إلى البلد (سوريا). نشعر وكأننا في سوريا”.

“أموال إسطنبول لإسطنبول”

في مقابل الاستثمارات والنشاطات التجارية في منطقة الفاتح، والخاصة بشريحة كبيرة من السوريين، هناك شريحة أخرى تعاني من الواقع المعيشي الصعب، لكنها تتمسك بالبقاء فيه لإبعاد “شبح الغربة”.
 
محمد ديب أبو قوره الذي بدأت القصة بالحديث معه يقول: “لم أدخر أي ليرة تركية. عملي اليومي آكل وأشرب به فقط. مستورة”.

العرف يلزم السوري الراغب باستئجار مجل تجاري على دفع بدل نقدي كبير

 
ويتابع قوره الذي يعيش مع أخيه في منزل رخيص ثمن إيجاره في أطراف الفاتح: “بعد ست سنوات مصاري إسطبنول لإسطنبول إذا ضلينا نشتغل 100 سنة”.
 
يحلم الشاب الذي وصل بعمر 16 عاما هاربا من دمشق أن يعود “في يوم ما” إلى حي باب سريجة وسط دمشق، فهناك “أهله وناسه”.
 
وفي المقابل يشير إلى أن شريحة واسعة من السوريين في إسطنبول لا يرغبون بالعودة بعد الآن، كونهم أسسوا لحياتهم فيها وبات لهم “أرزاق”.

المصدر : الحرة

Continue Reading
Advertisement
Comments

فيسبوك

Advertisement
أخبار تركيا اليومساعتين ago

وزير تركي يبحث إلغاء التأشيرت لهذه الفئتين من الشباب

مراحل التجنيس في تركيا
أخبار السوريين في تركياساعتين ago

أرشيف ودوام وبدون “استثنائية”.. مرحلة جديدة لمنتظري الجنسية التركية

الاقتصاد التركي3 ساعات ago

البنك المركزي التركي يعلن معدل زيادة أسعار المساكن

الاقتصاد التركي7 ساعات ago

خطوات جديدة لمكافحة غلاء الأسعار في تركيا.. السعر والوزن على المنتج

أخر الأخبار8 ساعات ago

جامعات تركية تدين قمع الشرطة الأمريكية مظاهرات طلابية دعماً لغزة

أخبار تركيا اليوم10 ساعات ago

انقطاع التيار الكهربائي في 14 منطقة بإسطنبول.. متى ستتم عودة الكهرباء؟

فرص عمل في تركيا10 ساعات ago

تركيا تطلق برنامج تأشيرة الرحّل الرقميين.. هذه مزاياها وكيفية الحصول عليها

أخبار تركيا اليوم10 ساعات ago

لا يوجد رخصة قيادة لهذه الفئة من المواطنين.. وزارة الاتصالات التركية ترد

الاقتصاد التركي10 ساعات ago

وزارة التجارة تبدأ حملة تفتيش على المطاعم والمقاهي في 5 ولايات

أخبار تركيا اليوم10 ساعات ago

الأرصاد الجوية التركية تطلق تحذيراً من انتقال الغبار إلى 44 محافظة

أخبار تركيا اليوميومين ago

ممثل تركي يشتري مدرسته الإبتدائية ويهدمها والسبب! (صور)

سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار ، سعر الدولار مقابل الليرة التركية ifc market
الاقتصاد التركييوم واحد ago

خبراء أجانب يتوقعون: جاذبية الليرة التركية التركية ستزداد

أخر الأخباريوم واحد ago

“إحدى مدن حضارتنا العريقة”.. تغريدة أردوغان تشعل مواقع التواصل

أخبار تركيا اليوميوم واحد ago

تحذير باللون الأصفر لـ 17 ولاية تركية من موجة غبار قادمة

صحةيوم واحد ago

تركيا تحتل المرتبة الأولى في أوروبا في السمنة، وطبيب يكشف السبب

أخبار تركيا اليوميوم واحد ago

رجل يفوز بنصف مليون دولار في اليانصيب والسبب لايصدق!

أخبار تركيا اليوميوم واحد ago

انقطاع الكهرباء عن عدة مناطق لمدة 6 ساعات في إسطنبول اليوم

الاقتصاد التركييوم واحد ago

انخفاض أسعار المساكن في اسطنبول بالدولار

مقالات وتقاريريوم واحد ago

تركيا: سوري يفوز بجائزة “المصور الشاب”

أخبار تركيا اليوميوم واحد ago

آخر التطورات بخصوص العطل في خط مترو أوسكودار-سامانديرا: متى ستعود الخدمات إلى طبيعتها؟